سياسيان إسرائيليان يكشفان ما تريده إسرائيل من ترامب

كشف سياسيان إسرائيليان، في ندوة لهما ذكر تفاصيلها “معهد واشنطن”، عن ما تريده إسرائيل من الرئيس الأمريكي دونالد ترامب فيما يخص الصراع الفلسطيني الإسرائيلي.

تساحي هنغبي، وهو وزير التعاون الإقليمي في الحكومة الإسرائيلية، تطرق إلى العلاقة خلال فترة أوباما، وقال إنه على الرغم من الخلاف الجدي بين الولايات المتحدة وإسرائيل بين الحين والآخر، كانت العلاقة الأمريكية-الإسرائيلية مستقرة نسبيا على مدى عقود، بغض النظر عن أي من الحزبين كان في السلطة في أي من البلدين. لكن هذا الأمر تغير مع إدارة أوباما.

وأضاف: “بقي العديد من أوجه العلاقة الملموسة قويا، مثل تبادل المعلومات الاستخباراتية والتعاون العسكري، ودعم إسرائيل في المحافل الدولية، ومذكرة التفاهم حول المساعدات الأمنية، التي سوف تجلب لإسرائيل 38 مليار دولار على مدى السنوات العشر المقبلة. ومع ذلك، فإن العداوة بين أوباما ورئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو فاقت التوقّعات الإسرائيلية، خاصة بشأن قضية المستوطنات والاتفاق النووي مع إيران”.

وقال إنه “عندما سيعقد ترامب ونتنياهو اجتماعهما المرتقب، من غير المرجح أن تكون المستوطنات والقضايا الفلسطينية على رأس جدول أعمالهما. وبدلا من ذلك، سيركزان على الأرجح على علاقات إسرائيل مع الدول السنية وإنفاذ الاتفاق مع إيران في المستقبل”.

وأضاف أنه “تتمثل مصلحة إسرائيل الأساسية في تعزيز علاقاتها مع العالم العربي السني؛ عبر جعل تعاونهما السري القائم حاليا أكثر علنية. وتستند هذه العلاقات جزئيا على واقع أن لدى الطرفين عدوين مشتركين، هما : إيران وتنظيم «الدولة»”.

أما على صعيد الاتفاق النووي مع إيران، فيوضح هنغبي أن “إسرائيل والرئيس ترامب يدركان الأخطاء التي تضمنها. فمن وجهة نظرهما، تخلت الولايات المتحدة عن نفوذها الهائل، وأبرمت اتفاقا دون المستوى المطلوب؛ ونتيجة لذلك، ستكون إيران على بُعد بضعة أسابيع فقط من الانعتاق النووي إذا التزمت بالكامل بالاتفاق على مدى السنوات الثماني المقبلة؛ لأن بعض أحكامه الرئيسية تنتهي في ذلك الحين. وتشكل إيران أكبر تهديد استراتيجي لإسرائيل، ويأمل المسؤولون الإسرائيليون أن تفهم الإدارة الجديدة هذه المخاوف؛ لكي يتمكنوا من التعاون معها بشكل بنّاء؛ لحماية أمنهما المشترك”.

“وفيما يتعلق بالحرب السورية، ستضعف مكانة إيران إذا تمت الإطاحة ببشار الأسد من السلطة؛ إذ إن طهران سخرت جهودها لدعمه. لكن هذه المسألة تبقى نظرية بحتة بالنسبة لإسرائيل؛ لأنها لن تتدخل بشكل كبير في سوريا. وعوضا عن ذلك، على الولايات المتحدة أن تبحث في احتمال الاعتراف بسيادة إسرائيل على هضبة الجولان. فلم يعد هناك وجود لدولة سوريا على الحدود الشمالية لإسرائيل، بل نظام الأسد وجماعات إرهابية أخرى فقط؛ لذا فإن الخلاف الطويل على الجولان لم يعد مطروحا”، يوضح الوزير الإسرائيلي.

وقال في ختام ورقته: “يُعتبر وعد ترامب بنقل السفارة الأمريكية من تل أبيب إلى القدس تكرارا لوعود العديد من الإدارات السابقة، لكن الفرق أن ترامب قد يفي به. ولن تكون هذه الخطوة مفاجئة؛ ففي عام 1995، أقر الكونغرس الأمريكي قانونا ينص على ضرورة نقل السفارة، على الرغم من أنه تضمن بندا يسمح بتأجيل نقل السفارة، والذي تم توقيعه كل ستة أشهر منذ ذلك الحين. كما من شأن هذه الخطوة أن تصحح خطأ تاريخيا”.

وبين أنه “عندما وضعت الولايات المتحدة سفارتها في تل أبيب، لم يحتج الإسرائيليون ظاهريا؛ لأن العلاقة الثنائية لم تكن قوية كما هي عليه الآن، ولكن الزمن قد تغير. بالإضافة إلى ذلك، يمكن إجراء هذه الخطوة دون الضرورة إلى التحقق من شرعية مطالبة إسرائيل بالسيادة على القدس كلها”.

أما الكاتب إيتامار رابينوفيتش، فقال إنه “بالنسبة للقضية الفلسطينية، فيبقى حلها مهما بالنسبة للإسرائيليين، ويعود ذلك جزئيا إلى أنها تؤثّر في علاقاتهم مع باقي دول العالم. ويقينا أن التفاوض بشأن حل نهائي للدولتين وتطبيقه غير ممكن في الوقت الراهن، ومن شأن المحادثات الفاشلة أن تتسبّب بردود فعل عنيفة، كما حدث في عام 2000. لكن التوصل إلى حل مؤقت أمر ممكن إذا أدرك الفلسطينيون أن الوضع الراهن ليس في الواقع وضعا قائما، بل تحولا نحو ضمّ [أراض إلى إسرائيل]. ومن شأن الموافقة على حل مؤقت أن توقف هذا التحول، ولو أنه لن يمنحهم دولة. وإذا كان نتنياهو والفلسطينيون على استعداد للتوصل إلى حل مؤقت، فبإمكان الولايات المتحدة أن تلعب دورا في الوساطة بين الجانبين”.

وذكر أن الخيار الآخر يتمثل “بالتوصل إلى حل إقليمي، وهو ما يدعمه وزير الدفاع أفيغدور ليبرمان وغيره من المسؤولين الإسرائيليين. فغالبا ما يُعتبر الاتفاق مع الفلسطينيين بمثابة لعبة لا رابح فيها ولا خاسر، وإذا ربح الفلسطينيون، خسر الإسرائيليون. غير أن التوصل إلى اتفاق مع عدد من الدول العربية من شأنه أن يغير هذه المعادلة، ويكون نجاحه أكثر ترجيحا؛ إذ يمكن تقديم حوافز دبلوماسية أوسع نطاقا، وتوزيعها بالتساوي بين الدول”.

وبين أنه “غير أن إطلاق حملة لدفع الولايات المتحدة إلى الاعتراف بسيادة إسرائيل على هضبة الجولان قد يقضي على أي جهود إقليمية ترمي إلى حل القضية الفلسطينية. فالجمهور العربي حذر بشأن أي خطوة ينم عنها ضم أراضي عربية، ويريد الحفاظ على السلامة الإقليمية لجميع الدول العربية، حتى تلك المتعثّرة. كما أن إثارة موضوع الجولان بشكل أحادي ستؤثّر سلبا على جهود السلام في المنطقة”.

وبين أنه “من المرجح أن يسفر نقل السفارة الأمريكية إلى القدس عن تداعيات مماثلة. فروابط إسرائيل مع الدول العربية [السنية] قائمة فقط على أعلى المستويات. غير أن ذلك لم يشمل بعد سكان هذه الدول. وفي غياب أي إجراءات وقائية مناسبة، قد يثير نقل السفارة سخط العالم العربي. من جهته، أعرب ترامب عن نيّته إرجاء مثل هذه الخطوة إلى حين إجراء المزيد من الدراسات بشأنها، وهو موقف يستحق الإشادة”.

وذكر أن إيران “تبقى التهديد الأكبر لإسرائيل؛ لذا يبقى الأمل معلقا على أن تركّز الولايات المتحدة على تطبيق الاتفاق النووي بصرامة بدلا من التنصّل منه؛ لضمان عدم تعزيز قدرة طهران على صنع قنبلة نووية. كما أن ردع الرعاية الإيرانية للإرهاب هو الآخر في غاية الأهمية”.

وفيما يتعلق بالحرب في سوريا، يوضح الكاتب أن إسرائيل عملت “بروح المسؤولية؛ من خلال البقاء خارج النزاع عموما. ومع ذلك، فإن احتمالات بقاء الأسد في السلطة أسوأ بالنسبة إليها من البديل، ليس فقط لأسباب أخلاقية، بل أيضا لأن ذلك من شأنه أن يشكل انتصارا للتحالف [القائم] بين إيران وروسيا وحزب الله. إن استمرار وجود الأسد يقرّب أيضا منطقة النزاع من إسرائيل، ويحتمل أن يورطها والأردن على السواء في هذه الحرب”.