تشخيص مصلحة النظام

جليل الهاشم

لم توفق اللجنة الرباعية تشخيص مصلحة النظام في الوصول الى صيغة متفق عليها لقانون انتخاب جديد. عقدت اللجنة سلسلة اجتماعات تداولت وقسمت وشذبت وعجزت في النهاية عن الوصول الى ما تتفق عليه. قبل ذلك أثار تفرد الرباعية انتقادات كيف ولماذا تشكلت ومن كلفها ومن طلب اليها تحديد المسار الإنتخابي قانوناً وتصويتاً وتركيباً وترشيحاً. لأن أحداً لا يمكنه منع هذا التكتل الرباعي من الإجتماع والبحث فهو في مجموعه يضم حوالي نصف أعضاء مجلس النواب ومن حقه ان يلتقي ويناقش وان يختلف او ان يتفق ولا شيء يمنع ان يلتقي رافضون طموحاته من اصحاب الآراء الأخرى من أحزاب وكتل وشخصيات لطرح مشاريع بديلة يرونها الأنسب في هذه المرحلة.

الإعتراض على الإجتماع الرباعي ليس له اذن ما يبرره وهو أصلاً اصطدم ويصطدم بتناقض في المصالح يجعل توافقه على صيغة واحدة أمراً شبه مستحيل. صحيح ان الجميع يتحدث عن قانون عصري يؤمن المساواة بين اللبنانيين وهذه نقطة أساسية فالمساواة هي جوهر الدستور وأي نص تطبيقي ينبغي ان ينطلق منها لكنها تضيع عند البحث من منطلق تأمين الحصص فما من قوة سياسية نيابية حالية إلا وتطمح الى تعزيز حضورها التمثيلي وليس فقط الإكتفاء بما هي عليه وعندما يستند البحث في قانون الانتخاب الى هذه النقطة المركزية فإنه يعجز حكماً عن الوصول الى النتائج المطلوبة والتي تستجيب الى حاجات التطوير والعصرية على قاعدة المساواة.

ما جرى حتى الآن هو استنفار مذهبي سياسي لحصد حصص من هنا ورفض حصص من هناك وهو اسلوب لا يمس فقط بالمساواة بل يهدد صيغة الوطن نفسه التي قام عليها عام 1943 في طبعة أولى ثم عام 1989 في طبعة ثانية.

قد يكون من الأفضل تكليف مجموعة من المفكرين الدستوريين الوطنيين من غير المرشحين بإيجاد صيغة متقدمة لقانون الانتخاب ولكن هذا حلم مستحيل يقابله عجز سياسي عن البت في أبرز أركان قيامة الدولة وهو وضع قانون الإنتخاب.

كان الفرنسيون ثم السوريون يتولون وضع مثل هذا القانون واليوم نحن أمام امتحان. فهل يتمكن سياسيو لبنان من إنتاج قانون انتخابي يقال عنه انه صناعة وطنية؟

(الأنباء)