قانون الكتل النيابية الطائفية

د. ناصر زيدان (الانباء الكويتية)

 

يتجِه لبنان نحو ازمة وطنية شاملة بسبب تداعيات المواقف من قانون الإنتخاب. وموجة التفاؤل التي رافقت التسوية على إنتخاب رئيس الجمهورية؛ بدأت تتآكل، ذلك لأن القوى والشخصيات التي أثارتها اقتراحات الوزير جبران باسيل، مستعدة لتطوير موقفها الى حدودٍ بعيدة، لأن هذه الاقتراحات تنمُّ عن نية إالغائية واضحة، وتستهدف قوى سياسية وحزبية وشخصيات تاريخية لعبت ادواراً بارزة في لبنان، كما أنها تستفزُّ الطوائف الصغيرة وبعض الاحزاب في اكثر من منطقة لبنانية.

موجة الاعتراضات على التفرُّد؛ توسَّعت لتطال قوى مسيحية اساسية، وبيوتات وطنية وازنة. ويقول مصدر نيابي مسيحي متابع لما يجري: ان تياراً مسيحياً يعيش فائض قوة لا يعترف بمسيحية اي من القوى او الاحزاب او الشخصيات التي لا تتفق معه وتتعاون مع قوى حزبية وسياسية من الشركاء الآخرين في الوطن. ويتابع المصدر: واضح من مجموعة المشاريع المُتداولة لقانون الإنتخاب، ان جهات حزبية تريد إلغاء الآخرين، والإستفراد بالتمثيل المسيحي لمواجهة إستحقاقات لاحقة؛ على ما اشار القيادي في تيار المردة الوزير السابق يوسف سعادة.

مروحة الاعتراضات المسيحية على الإقتراحات المتداولة طالت: تيار المردة الذي يرأسة النائب سليمان فرنجية والكتلة الشعبية في زحلة التي ترأسها ميريام سكاف والى حدٍ ما حزب الكتائب، إضافةً لشخصيات وازنة في الاوساط المسيحية، مثل النائب السابق فريد هيكل الخازن والنائب بطرس حرب والنائب السابق فارس سعيد والنائب السابق صلاح حنين والنائب فؤاد السعد والنائب هادي حبيش وغيرهم الكثيرين.

اما بيان المطارنة الموارنة الذي صدر الاربعاء 1/2/2017 من بكركي؛ فقد اكد على اهمية ان تراعى في عملية إنتاج القانون الجديد للإنتخابات مبادىء الميثاق والدستور، وتلك إشارة واضحة الى الإعتراض على محاولة تفصيل قانون على قياس بعض الاحزاب التي تهدف الى الإستئثار بالتمثيل النيابي لوضع اليد على مفاصل السلطة الأُخرى.

خلفية الذين يعملون على تفصيل قانون إنتخابي على القياسات التي تناسبهم، هي منع اي شكل من أشكال التعاون الوطني او التحالفات الإنتخابية، بين جهات وشخصيات مسيحية وجهات حزبية او قوى وطنية أُخرى. وهذا الامر إذا ما حصل يُدمر الحياة السياسية اللبنانية برمتها، ويقضي على التعايُش بين الطوائف والديانات، ويُعيد إنتاج الحروب الاهلية، ويُهدِد الكيان برمته؛( فمصلحة المسيحيين كما قال النائب فرنجية هي بإستقرار علاقاتهم مع جيرانهم وابناء وطنهم) ولم يسبق ان حصل مثل هذا الفرز الطائفي سابقاً في تاريخ لبنان، لأن الكتل النيابية كانت تتشكَّل من نواب مُتعددي الطوائف في غالب الأحيان.

يقول المصدر النيابي المذكور اعلاه: ان مقاصد بعض الذين يتحركون تحت شعار الحفاظ على النصف المسيحي من عدد النواب هي مقاصد حزبية او فئوية اكثر مما هي وطنية، او لأنها تحافظ على حقوق المسيحيين، وتجربة النواب المسيحيين الذين يتشاركون في الكتل مع نواب مسلمين؛ كانت ناجحة، ولم يُسجَّل اي تفريط من قبل هؤلاء في الحقوق المسيحية العليا، وقد خدموا المسيحيين بمواقفهم اكثر من بعض الاحزاب المسيحية الصرفة، وهناك نواب مسلمين في بعض الكتل التي يقودها مسيحيون غالباً ما يلعبون الدور التشاركي ذاته.

في مؤتمر الطائف الذي حصل بين اللبنانيين عام 1989؛ تمَّ الاتفاق على إعادة النظر بالتقسيمات الادارية، وعلى تشكيل هيئة وطنية لإلغاء الطائفية السياسية، والشروع لإنتخاب مجلس نيابي خارج القيد الطائفي، وإنشاء مجلس شيوخ تتمثل فيه الطوائف. فأين نحن اليوم من هذا العقد الميثاقي؟ والبعض يطالب بأن تنتخب الطوائف ممثليها كما كان يحصل ايام المتصرفية قبل 150 عاماً، ولكن المتصرِّف حينها؛ كان غير لبناني وتعينه السلطة العثمانية.

يرى المصدر: ان طروحات بعض الذين يشعرون بفائض من القوة على الساحة المسيحية، قد تؤدي الى ازمة وطنية شاملة، وتنسُف مبدأ المناصفة. او انها قد تُنتِج كتل نيابية مقتصرة على لون طائفي او مذهبي واحد من النواب، بحيث يكون هناك كتلة او اثنان مارونية وكتلة سنية وكتلة شيعية على سبيل المثال، في حينها نكون قد قضينا نهائياً على فكرة الدولة الموحدة، وعلى العيش الواحد بين اللبنانيين.

اقرأ أيضاً بقلم د. ناصر زيدان (الانباء الكويتية)

إخفاق في معالجة زحمة السير

الانتخابات والمحاذير المخيفة

الخلافات العلنية والتفاهمات السرية

انتخابات لإثبات الوجود السياسي

الانتخابات تفرق شمل الحلفاء

هل انتهت الأزمة السياسية بين التيار و«أمل» مع انتهاء الهيجان السياسي؟

كيف أطاح قانون الانتخاب الجديد بالتحالفات التقليدية؟

إعادة الحياة إلى وسط بيروت قرار في منتهى الأهمية

عن ذكرى استشهاد محمد شطح «رمز الحوار»

دوافع بيان مجلس الأمن؟

لا مستقبل للسلاح غير الشرعي

هل شملت التسوية الجديدة كل أطراف العقد الحكومي؟

مساكنة حكومية إلى ما بعد الانتخابات

عن شروط الاستقرار في لبنان

القطاع الزراعي اللبناني على شفير الانهيار

لملمة الوحدة الوطنية

ما أسباب مخاوف بري على «الطائف»؟

زيارة الحريري إلى موسكو بين الواقع والمُرتجى

المجلس الدستوري يربك القوى السياسية

الجيش اللبناني ومواجهة المستقبل