قانون الانتخاب المستحيل

جليل الهاشم

لا زالت القوى السياسية تمنح نفسها مزيداً من الوقت لبت موقفها من قانون الانتخابات ولهذا السبب ربما لم يطرح الموضوع على جدول الدورة العادية لمجلس النواب مع ان المهلة لإقرار قانون جديد تضيق وتكاد تنتهي بحيث تصبح وزارة الداخيلة مضطرة بعد نحو شهر ونصف الشهر الى دعوة الناخبين للقيام بواجباتهم في الانتخاب وهو ما يفترض ان يحصل في ايار المقبل بمقتضى القانون القائم اذا لم تحصل معجزة القانون الجديد.

التبرير التشريعي لعدم طرح قانون الانتخاب على جدول اعمال الدورة الراهنة للمجلس النيابي هو رسمياً الخوف من عدم الاتفاق على صيغة ما تنال الاكثرية وبالتالي سقوط مختلف المشاريع المفترضة في التصويت وعدم الخروج من الوضع القائم ومن المعروف انه لا يجوز اعادة طرح أي بند يتم التصويت عليه مرة ثانية في الدورة العادية المفتوحة. وبالتالي وفي حال لم يقر المجلس النيابي قانوناً جديداً فإنه يشرع عملياً البقاء على القانون القديم.

 المسألة اذن ليست في التصويت النيابي بل في اتفاق الكتل السياسية الطائفية على صيغة أخرى. وهذه الصيغة الأخرى تتراوح بين تعديل حجم الدوائر واعتماد النسبية.

عنده هذه النقطة تتدخل حسابات الاحجام والاعداد في خلفية كل المواقف فما من أحد يطرح النسبية الكاملة وإلا في رأسه انها توفر له المزيد من اعداد النواب والشيء نفسه بالنسبة لمن يطرح توسيع الدوائر مع إجراء انتخابات تأهيلية ففي الحالتين يطمح أصحاب هذا الطرح الى التحكم بالنتائج استناداً الى التعبئة المذهبية والطائفية، ففي حالة النسبية الكاملة سيتحكم صاحب القوة التجييرية بطبيعة اللوائح فيحمل معه الى البرلمان اتباعاً قد لا يمثلون شيئاً في بيئاتهم وطوائفهم وفي حالة التأهيل سيتحكم أصحاب القدرات التجييرية سلفاً بتأهيل هذا او ذاك الى المرحلة الثانية من الانتخابات وهي التي ستكون حاسمة.

مجلس النواب

المعضلة ان القوى الطائفية السياسية تورطت في شتم قانون الستين وأخذت مداها في قدحه وذمه ولم يكشف احد منها الاسباب الحقيقية لحفلة القد والذم هذه وصارت هذه القوى مطالبة بابتداع نظام جديد هي غير قادرة ولا مؤهلة لإنتاجه وممارسة مقتضياته.

فإذا كانت النسبية عنواناً لنظام انتخابي يقود الى تطوير الحياة السياسية الوطنية فكيف يمكن ممارستها من دون احزاب وطنية تضع نصب اعينها قيام نظام وطني علماني وديمقراطي.

المشكلة ان لا وطنية من دون وطنيين ولا علمانية من دون علمانيين، والطائفية تبني مزرعة لا وطناً.

(الأنباء)