الحكومة.. من عرض العضلات الى عرض الصفقات!

ناهي نصر الدين

أنباء الشباب

بعد الولادة الرئاسية. صعد الدخان الأبيض الحكومي معلناً للبنانيين تشكيلةً وزارية جديدة، تميزت “بعروضٍ سياسية” في التشكيل وتوزيع الحقائب. وهذه العروض الشيقة استمرت مع بدء العمل الحكومي..

العروض الفتية السياسية لحكومة العهد الجديد تمظهرت في شكلين أساسيين؛ الأول هو “عرض العضلات” و قد اقترن بمرحلة التشكيل وتوزيع الحقائب، والثاني هو “عرض الصفقات” الذي ارتبط بموضوع النفط بشكل أساسي.

بدايةً بعرض العضلات…

حكومة العهد الجديد، أريد لها أن تكون ثلاثينية في تركيبتها لارضاء جميع الأفرقاء حيث أن الكثير من القوى سعت لابراز قوتها بالمطالبة ببعض الحقائب السيادية والسعي للتمثيل العددي الأكبر.

والسبب هو نتيجة الاصطفافات السياسية ما قبل الاستحقاق الرئاسي، والاستحقاق الرئاسي نفسه، وبما ان الحكومة هي الأولى في العهد الرئاسي للجديد، والممهدة للعهد النيابي القادم، أرادت بعض القوى ان تبرز نفسها و تختبر حجمها السياسي، قبل امتحانٍ سيدوم أربع سنوات.

بعودة الشيخ سعد الحريري على رأس الحكومة، قد انطفأت أضواء عرضهم، ثم أزاح الستارة عن الحكومة الجديدة.

وبما خص الثنائية المسيحية ان القوات اللبنانية نالت ثلاث وزراء ونيابة رئاسة المجلس للمرة الأولى .وقد حصل عون مع التيار على ثمانية مقاعد.

وقد ساهمت الكتلة الوزارية الضخمة للثنائية بدفع المردة للمطالبة بوزارة أساسية رداً، على الضربات السياسية التي ما زالت تتلقاها، فكانت وزارة الأشغال من حصتهم.

أما الكتائب اللبنانية، التي ما زالت تعتبر نفسها الأساس في الشارع المسيحي والتي لم تدخل في الثنائية، لم تقبل المشاركة في الحكومة بوزارة دولة فقط.

وخلال تشكيل الحكومة، سجلت محاولات لعرض العضلات في الجبل و لكنها قد وصلت فقط للعروض البهلوانية، بين التأرجح على الحبال حيناً، وعلى حبال الخطاب الطائفي حيناً آخر، بسبب فقدان هذا الطرف البعد الوطني اوالفكري. وبالتالي قام بمهاجمة حزب كان و سيبقى يعمل من اجل ان يكون “كل مواطن لبناني حر، و كل الشعب اللبناني سعيد”. و بحين يبحث البعض وزارات أسموها سيادية، فوزراؤه يعطون قيمة بعملهم المتفاني للوزارات التي يتولوها أياً تكن.

أمّا عن مشاركة جميع الأحزاب في التشكيلة الوزارية، فهي بالحقيقة لم تشمل الجميع بظل عدم تمثيل الوطنيين الأحرار، والكتائب والبعث. علماً عن المفارقة الإيجابية بتمثيل الديمقراطي اللبناني والقومي السوري الاجتماعي.

وضمن التشكيل الثلاثينية، لوحظ أن الوزارات الجديدة مثل وزارة شؤون المرأة، ووزارة التخطيط الجديدة القديمة؛ التي يؤمل أن يكون لها دور فعال في المرحلة القادمة وأن لا يقتصر دوها على ملأ المقاعد الثلاثين وكصورة جميلة فقط عن العهد الجديد.

أما وضمن توزيع الوزارات، التحية “للأستاذ” حيث أن حركة أمل قد بادرت في اشراك المرأة في العمل الوزاري.

وهكذا انتهى عرض العضلات، معلناً بداية العرض الجديد (عرض الصفقات).

ملف النفط، الذي يعرف انه الحل المستقبلي للازمة الاقتصادية اللبنانية، والذي كان ينتظره اللبنانيون منذ العام ٢٠١٤، ظل المادة الدسمة التي تراشقت بها بعض القوى في الحكومات السابقة، من دون أي بت جدي لهذا الملف او معالجة تقنية، وعوضاً عن ذلك كانت المعالجات سياسية الى جانب الملفات الخدماتية الأخرى التي لم ولن تعالج بالمحاصصات السياسية.

بعد التسابق على المقاعد الوزارية، يفاجأ الجميع ان الحكومة قد أقرت ملف النفط ولكن بمهلة اقل من يومين، وبصلاحيات شبه مطلقة لوزير الطاقة، فيما هي وفق القانون يجب ان تكون ضمن الرقابة والإشراف.

النفط

من هنا، جاء اعتراض “التقدمي الاشتراكي” حيث أكّد مفوض الشباب والرياضة في الحزب التقدمي الإشتراكي صالح حديفة أن اعتراض الحزب على إقرار مرسومي النفط في مجلس الوزراء بهذه الطريقة كان في الاستعجال بتسليم مشروع المرسومين قبل 48 ساعة من موعد الجلسة فيما درسهما يتطلب وقتا إضافيا لكون هذا الملف حيوي وأساسي؛ ما أشعرنا بأن هناك شيء ما مخفي في الملف، وكأن صفقة ما تمت حولها لإقراره بسرعة وتسرع؛ فيما هناك الكثير من الثغرات في المرسومين.

ولفت حديفة في حديثه التلفزيوني الى أن اعتراض “التقدمي” يطال الصلاحيات شبه المطلقة المعطاة لوزير الطاقة في المرسومين.

كما تظهر العروض، فإنها بدأت بعروض القوى و انتهت بعروض المحاصصة. مع التمني ان لا يكون العرض الذي شهدناه في السباق على المقاعد، كان بجوهره سباق على تقاسم الحصص في الملفات المطلبية الوطنية. علماً ان الحكومة الجديدة من مهمتها الأساسية العمل على قانون انتخابي نيابي، لاختيار السلطة التشريعية التي سترافق العهد الجديد، وحقائبها التي قد وزعت كانت لارضاء جميع الأطراف.

فما بين عروض العضلات بين القوى وعرض الصفقات في المجلس، يبقى الأمل بالذين تمسكو بحماية حق المواطن والذين ان اعترضوا، قدموا اعتراضهم بنقاش علمي ومنطقي، بعيداً عن المجاملات السياسية والضجيج الإعلامي. فهل سنرى القوى الأخرى تقدم ما يقنع الرأي العام بالمنطق والحجة، أم ستبقى النقاشات سياسية و”بجوهر طائفي للمحاصصة”؟
على أمل ألا يكون النفط، “مادة كيميائية سياسية” تشعل فينا نار المحاصصة الطائفية…

(أنباء الشباب، الأنباء)