أين أنت أيها المعلّم؟

فراس ملاعب

أنباء الشباب

معلّمي، مضت أعوامٌ وأعوامٌ على إغتيالك والصورة التي رسمتها حول نفسك بقيت راسخة في ذاكرتنا الّا أنها تبقى حصرة في قلبنا وعقولنا. كيف لا وقد جاء بك القدر الى بلدٍ لا يعرف قيمة الإنسان، فكيف له أن يعرف قيمة فيلسوفٍ وعملاق ربما لم ولن يرسل لنا الزمن مثيلاً له.

كيف لا وما كنت قد كتبته في فترةٍ قصيرة من حياتك يأخذ عقوداً من الزمن كي نتمكن من قرائته فيصعب علينا تطبيقه إن فَهِمناه.

كيف لا وقد برعت في الفلسفة والآداب وعبرت الحدود المرسومة جسدياً وعقلياً وصنعت من السياسة في لبنان نموذجاً لنهتدي به ونحن لم نرى سوى قوقعتنا الطائفية والمذهبية.

 كيف لا وأنت كنت أوّل من طالبت بالنسبية وعدالة التمثيل، أنت من حملت القضايا الإنسانية رايةً تنادي بها وتناضل من أجلها، أنت من كنت في الصفوف الأمامية في كلّ مظاهرةٍ لنصرة العمّال والفلّاحين.

 أنت الذي سعيت لبناء الدولة ومؤسّساتها دون التفكير بأن هذه الوزارة أو تلك حكرٌ لطائفةٍ ما وأن هذا المنصب أو ذاك ممنوعٌ على فئةٍ ما.

 أنت من آمنت بالقضية الفلسطينية وجعلت منها القضيّة الأولى والأساس فيما باعها الآخرون أو أضاعوا مسارها وموقعها.

Mideast Israel Palestinians

نفتقدك أيها المعلّم الشهيد في كلّ يومٍ لا بل في كلّ لحظة ونفتقد أمثالك الذين كانوا يطالبون بدولة مدنية قوية تحكم نفسها بدستورها وقوانينها ومؤسّساتها تحمل مشروعاً وطنياً موحداً وخطّة إقتصادية إنمائية واضحة يطّبق فيها القانون على الجميع بالتّساوي قادرة على حماية شعبها ومواطنيها تضمن حرّية آرائهم وتعبيرهم توّفر لهم الخدمات الصحية الإجتماعية وفرص العمل تقوم بالتوظيف على أساس الكفائات لا المحسوبيات والوسائط، دولة تحاسب الفاسدين وتحاكمهم لا تدافع عنهم وتغطّيهم، لا دولة طائفية فئوية يوجد فيها مواطن درجة أولى ومواطن درجة ثانية، دولة تصنع الصفقات على حساب شعبها وتغرقهم بالدّيون، دولة تعمل مؤسساتها غبّ الطّلب وتعطّل المواقع الأولى فيها لسنوات، دولة يتباها البعض بإستعراضاته العسكرية فيها، دولة دخلت فيها الطائفية حتّى في النفايات ومطامرها.

أيها المعلّم ربّما من قساوة القدر عليك إنمّا من نِعَم الله علينا أنك ولدت هنا وعشت في مثل هذا الزمان لكي نهتدي بك ونتعلّم منك فها هو الحزب اليوم بقيادته الحكيمة وعطائه وروحيّة شبابه خير دليل والمثل الأعلى لكلّ من يريد الإصلاح والتغيير ويدّعي محاربة الفساد وبناء الدّولة.

(أنباء الشباب، الأنباء)