سلامة الطيران المدني على طاولة الحكومة والتقدمي يتمسك بالنظام “الأكثري”

 

حلَّت أزمة سلامة الطيران المدني وتشعباتها المعقدة ضيفا أساسياً على مائدة الإعلام وكواليس السياسة اللبنانية وتقدمت كل الملفات، حيث أعادت الى الواجهة هواجس تراكم النفايات في الشوارع مع الحديث عن إقفال مطمر الكوستا برافا، كما عاد نشطاء البيئة وما تبقى من حراك المجتمع المدني الى رفع الصوت بعد أن انتشر الصيادون بأسلحتهم وذخائرهم، قرب المدرج الغربي لمطار بيروت، وحول مصب نهر الغدير الملوث وعلى أطراف مطمر الكوستا برافا حيث تتجمع أسراب طائر النورس التي بات تكاثرها المتصاعد يهدد، لا بل هدد مرات عدة سلامة الطيران المدني، إجراءات الصيد وطرق قتل طائر النورس التي تقزز الأبدان يبدو أنها ستستمر وستحضر على طاولة مجلس الوزراء الأربعاء القادم، من خارج التفاهمات الثنائية التي حلت على الجلسة الأولى للمجلس وأقرت بلمح البصر مراسيم قطاع النفط المعلقة منذ العام 2014، دون الأخذ بآراء وزراء اللقاء الديمقراطي بالتريث الى حين مراجعة نصوص المراسيم التي تزيد عن مئات الصفحات، وتحتاج الى ساعات طوال لا بل أيام معدودة للانتهاء من مراجعتها ووضع الملاحظات عليها، أو اللجوء الى تعديلها كما يطالب الحزب التقدمي الاشتراكي، سيما وأن هذا القطاع المستقبلي الواعد هو زاد الأجيال القادمة وأمل مستقبلهم بلبنان الغد، إذا ما أحسنت الحكومة إدارة هذا الملف على غرار من سبقها من الدول الراقية.

جلسة مجلس الوزراء التي ستنعقد الأربعاء القادم والتي ستتزامن مع جلسات التشريعية التي دعا لها الرئيس نبيه بري، والتي يغيب عنها قانون الانتخابات النيابية، ستكون محط أنظار المراقبين لاختبار مدى التناغم الحكومي في معالجة الملفات المعقدة التي كانت محط  خلاف وتجاذب بين القوى المختلفة، وإن كانت هذه الجلسة لن تناقش الكثير من الملفات المعقدة لضيق الوقت، إلاَّ أنها ستكشف آلية عمل المجلس في معالجة الملفات التي لم تندرج ضمن سلة التفاهمات الثنائية التي سبقت انتخاب الرئيس الجديد والتي تعرف بـ (الطبخة الرئاسية)، ومنها ملف النفايات الصلبة التي أعادتها أزمة سلامة الطيران الى الواجهة، والتي يشكل إقفال مطمر الكوستا برافا عنوانها الأول، خاصة بعد الجدل الجاري بين خبراء مجلس الإنماء والإعمار حول عدم تأثير المطمر على سلامة الطيران، وحصر الخطر بمصب نهر الغدير والتلوث الكبير الذي يحدثه، والقرار القضائي بإغلاق الموقع مؤقتا، والإجراءات الظرفية التي اتخذتها وزارة البيئة بتوجيه من رئيس الحكومة.

A picture taken on January 19, 2016 shows piles of packed garbage at the port of the Lebanese capital Beirut. / AFP PHOTO / JOSEPH EID

إضافة الى ذلك ومن بين الملفات الحكومية المهمة والتي يترقبها الجميع، وضع مشروع قانون الموازنة العامة لسنة 2017، قريباً على طاولة مجلس الوزراء وما فيه من متطلبات قطع الحسابات للسنين السابقة والمتراكمة منذ العام 2006، حين استقال عدد من وزراء حكومة الرئيس فؤاد السنيورة، وبرزت أزمة الـ (11 مليار)، التي عطلت إصدار وإقرار الموازنات العامة منذ ذلك الحين، وعلم في هذا الخصوص أن وزارة المال أجرت جردة تدقيق في الحسابات المالية من أجل تسوية القضية، وأن هناك تفاهم على معالجة هذه القضية وتسوية أوضاع مالية العامة والعودة الى الانتظام القانوني في عملية الانفاق، مصادر مطلعة كشفت لـ (الأنباء) أن “موضوع الموازنة العامة وما يشمله من متطلبات تغطية نفقات سلسلة الرتب والرواتب وتسوية أوضاع الخزينة، هو من العناوين المتفق عليها المندرجة ضمن تفاهمات (الطبخة الرئاسية)، وإن التعامل مع هذا الموضوع، سيمضي على قاعدة التصديق السريع التي عولجت بها مراسيم قطاع النفط.”

في سياق مرتبط، تترقب القوى السياسية باختلاف توجهاتها نتائج زيارة رئيس الجمهورية الى المملكة العربية السعودية وقطر، وما حققته من إنجازات قد تظهر تباعاً تترجم الحفاوة الاستقبال وطيب المواقف التي أطلقت وحسن النوايا التي رافقت أجواء الزيارتين، كما يتطلع المراقبين ألى اتجاهات الزيادات الأخرى التي سيقوم بها الرئيس تلبية للدعوات التي تلقاها، وما إذا كانت مصر وفرنسا هي المحطة الثانية أم غيرها من الدول، وبانتظار كل ذلك، تبقى الانتخابات النيابية المقبلة الشغل الشاغل والهم الأساس في حركة ومواقف القوى السياسية، ومدى قدرتها على الاتفاق على قانون جديد مع اقتراب المهل الدستورية، لدعوة الناخبين وتشكيل هيئة الرقابة، حيث جزم وزير الداخلية نهاد المشنوق استحالة إقرار قانون جديد في المدى الزمني المتبقي من ولاية المجلس الحالي، وأكد التزامه اجراء الانتخابات في موعدها وفق القانون النافذ، كما جدد الأمين العام لتيار ” المستقبل” أحمد الحريري هذا الموقف مؤكدا، “أن لا مفر من إجراء الانتخابات على القانون الساري المفعول”، فيما جدد ” حزب الله” على لسان نائب الأمين العام الشيخ نعيم قاسم، ورئيس كتلة الوفاء للمقاومة النائب محمد رعد، تمسك الحزب بالنسبية، اذ أشار قاسم الى ضرورة إقرار قانون جديد قائم على النسبية، محذرا من “ان مسيرة الإصلاح ستتعثر وتكون معقدة اذا لم ينتج لبنان قانونا قائما على هذا الأساس، لأنه لا يمكن الاعتماد على الصيغة الحالية او تكرار الطاقم الحاكم نفسه”.

حكومة الحريري

الحزب التقدمي الاشتراكي الذي أعلن رفضه السير بقانون النسبية، قبل الشروع في تطبيق الإصلاحات السياسية التي أقرها اتفاق الطائف، ومن تشكيل مجلس للشيوخ، وإلغاء الطائفية السياسية، واعتماد المحافظة دائرة انتخابية، بعد إعادة النظر في التقسيمات الإدارية، أكد النائب غازي العريضي في حديث تلفزيوني، أن الحزب التقدمي الاشتراكي مع تعديل قانون الانتخابات الحالي على قاعدة الانتخاب الأكثري، ومع دمج قضائي الشوف وعاليه في دائرة انتخابية واحدة، وقال: “نريد قانوناً عادلا للانتخابات تكون فيه المعايير واحدة. ونحن نقول لا نريد شيئاً لأنفسنا، نحن جاهزون لمناقشة أفكاركم ومشاريعهم ومعاييركم. وإذا كان المعيار طوائف وحسابات طوائف، وصحة تمثيل طوائف، أياً تكن هذه الطوائف لا يستطيع أحد أن يحرم طائفة من تمثيلها وصحة التمثيل”، وأضاف: “نحن لم نمارس المحدلة ونتفاعل مع كل الناس ونمارس الشراكة على مستوى الواقع، ففي منطقة عالية، الأستاذ فادي الهبر مع الكتائب اللبنانية، في الشوف الأستاذ دوري شمعون والأستاذ جورج عدوان يمثلان حزب الوطنيين الأحرار والقوات اللبنانية، مارسنا الشراكة من خلال التخلي عن بعض المناصب في تعيينات الدولة لتسهيل عمل الحكومة”، وقال: “البلد لا يُحكم بهذه الذهنية ولا يستطيع أحدا أن يفرض شروطه على أحد. لبنان يتميز بالتنوع، وليس ثمة بلد يتميز بهذه الميزة فلنحافظ على هذا التنوع”.

من جهة أخرى علمت “الأنباء” أن وفد من اللقاء النيابي الديموقراطي، وبتكليف من رئيسه النائب وليد جنبلاط، سيبدأ هذا الأسبوع جولة على القوى السياسية المعنية بقانون الانتخاب لشرح أسباب تمسكه بالنظام الأكثري وفق قانون الحالي، في ظل الظروف السياسية الراهنة التي لا تسمح بوضع قانون جديد أساسه النسبية قبل الشروع في خطوات تدفع في اتجاه تعزيز الثقة، في ظل ارتفاع منسوب الاحتقان الذي لا يبدده مثل هذا القانون الذي يريد البعض تطبيقه على عجل.
وقال مصدر بارز في اللقاء لـ “الحياة”، “أن هناك ضرورة ملحة لتطبيق الطائف على قاعدة استكمال تنفيذه وتنقية ما نفذ منه بسبب سوء تطبيقه، وأن أي قانون لا يبدد هواجس هذا الطرف أو ذاك ولا يشعره بأن هناك من يخطط لمحاصرته أو الحد من شراكته في الحياة السياسية، لن يأخذ طريقه الى التطبيق، وبالتالي سيكون أشبه بمن يضع العربة أمام الحصان. واعتبر أن لا أفق لقانون يفهم منه سلفاً أنه فُصّل خصيصاً ليكون على قياس مصالح فئات بدلاً من أن يشكل المعبر للخروج من حالة التطييف التي ما زالت تطغى على كل ما عداها
ولفت المصدر الى أن اللقاء الديموقراطي يقدر المواقف السياسية التي صدرت عن معظم الأطراف والمتفهمة الهواجس والمخاوف التي عبر عنها جنبلاط في أكثر من مناسبة، لكنه يتوقع منها أن تترجم تضامنها الى خطوات عملية لتبديد هذه الهواجس. ورأى أن “الأولوية تقتضي استكمال تطبيق الطائف بوضع قانون جديد للأحزاب وخفض سن الاقتراع وإعداد الآلية المنصوص عليها في الطائف للبدء بالخطوات المرحلية لإلغاء الطائفية السياسية، إضافة الى البدء في التحضير لاستحداث مجلس شيوخ تتمثل فيه الطوائف في مقابل الوصول الى إلغاء الطائفية في البرلمان”.

فوزي أبوذياب