إيران الشقيقة والزيارة السعودية

حققت زيارة رئيس الجمهورية العماد ميشال عون والوفد الوزاري المرافق الى السعودية الهدف المطلوب منها وهو استعادة الحد الادنى من العلاقات بين البلدين بعد ان نسفت مواقف حزبية ورسمية لبنانية أسس هذه العلاقات طوال الاعوام الماضية لم يكن تدهور العلاقات فقط نتيجة للهجمات التي تعرضت لها السعودية من بعض السياسيين ولا نتيجة انخراط سياسيين آخرين من موقع رسمي في التحامل على المملكة ومواقفها ومصالحها، فكل ذلك لا يعدو في نظر الرياض الا كونه انعكاساً لهجمة أكبر ضدّ السعودية تقف خلفها إيران التي تشن بحسب المملكة هجوماً توسعياً في المنطقة الخليجية والعربية لم تخفه يوماً ووصل بها الامر الى الاعلان على لسان قادتها انها باتت تتمسك بأربع عواصم عربية هي بغداد ودمشق وصنعاء وبيروت.

هذا الكلام المنسوب الى علي يونس المستشار في القيادة الإيرانية لم يكف مسؤولون إيرانيون آخرون عن ترداده كل يوم وحتى زيارة عون للرياض وقبلها وبعدها فالمرشد علي خاميني تفاخر في الاسبوع الماضي بان أثمن ما تملكه إيران هو القوة الموالية لها في لبنان فيما كان قادة الحرس الثوري يكررون في سلسلة خطابات ومواقف تعداد المكاسب المحققة في العراق وسوريا ولبنان واليمن.

السعودية عون

لم ينتبه كثيرون لما نشرته وكالة مهر الإيرانية الرسمية عشية زيارة الوفد اللبناني الى السعودية حيث تساءلت في تحليل سياسي له طابع الرأي عن الهدف من خيار عون السفر الى المملكة أولاً مع ان إيران هي من دعمه وتمسك به وتولى “حمايته” حتى وصوله الى الرئاسة. وكان لافتاً إسراعها في إرسال رئيس لجنة الامن والدفاع والخارجية في مجلس الشورى علاء الدين بروجردي الى بيروت ليكرر الاسطوانة المعروفة عن استعداد إيراني لتسليح الجيش اللبناني. هذا الخطاب جاء بمثابة استباق كما يقول عليه اللبنانيون من استعادة لمفاعيل الهبة السعودية التي قررها الملك الراحل عبدالله بن عبد العزيز دعماً للمؤسسات الأمنية اللبنانية الرسمية ثم توقفت بسبب الظروف التي سبق ذكرها.

بهذا المعنى شكلت حركة الرئاسة اللبنانية إعادة الأمور الى طبيعتها فالطبيعة أقوى كما قال الوزير جبران باسيل من الرياض، أما كثرة الكلام عن لبنان كما يحلو للإيرانيين قوله فهو لا يغطي السياسة الفئوية والمشاريع ذات المنحى المذهبي فأميركا وبريطانيا شقيقتان فعلياً أكثر من لبنان وإيران لكن لم نسمع مرة رئيساً أميركيا يتحدث عن دولة بريطانيا الشقيقة والجانبان اذا تحدثا فالا بالمصالح المشتركة وهذه وحدها ما يجب ان يحكم العلاقة بين الأطراف.

(الأنباء)