مسؤوليات ما بعد نجاح الزيارة الرئاسية

رفيق خوري (الانوار)

لا بديل من لبنان، يقول الملك سلمان بن عبدالعزيز بعد المحادثات مع الرئيس ميشال عون في الرياض، ولا بديل في لبنان من الاعتدال وعودة الأمور مع الأشقاء الى مدارها الصحيح، كما يرى اللبنانيون الذين حمل رئيسهم المودة والصداقة الى السعودية وعاهلها الذي يتقدم الجميع في معرفة لبنان ومحبته. فليس أكبر من حاجة العرب الى لبنان الذي كان يسميه صحافي القرن محمد حسنين هيكل الشرفة الجميلة في المبنى العربي سوى حاجة لبنان الى العمق العربي.
والكل يحتاج الى المزيد من التمسك بالعروبة في مواجهة التردي نحو التشنّج والانقسامات والصراعات الطائفية والمذهبية والاتنية بفعل الجهالة المحلية والخبث الاقليمي والدولي لخدمة مصالح خطيرة. ومن هنا تركيز الرئيس عون على الاستقرار بكل جوانبه والوجوه، وتركيز الملك سلمان على وجوب أن يبقى لبنان رمز التعايش الطائفي لأنه أساس استقراره الذي يهمّ السعودية كما استقرار كل العرب.
وكل شيء يوحي ان الزيارة الرئاسية ناجحة. أولا على صعيد العلاقات الشخصية، بحيث أعلن الملك سلمان ثقته بأن الرئيس عون سيقود لبنان الى برّ الأمان والاستقرار. وثانيا على صعيد العلاقات بين البلدين لجهة المحافظة على العلاقات التاريخية وتطويرها، بحيث بدأت ورشة عمل لدراسة المواضيع التي أثارها رئيس الجمهورية اقتصاديا وأمنيا وعسكريا وسياحيا. فضلا عما سمّاه وزير الخارجية السعودي عادل الجبير تكثيف التشاور السياسي بعد محادثاته مع نظيره اللبناني جبران باسيل الذي تحدث عن العودة الى طبيعة الأمور.

لكن نجاح الزيارة يرتب علينا مسؤوليات بمقدار ما يعطينا من اتفاقات وتفاهمات. فالوطن الصغير والمملكة في شرق أوسط يغلي بالحروب والاضطرابات وصدام المشاريع. والارهاب ليس الخطر الوحيد الذي يشغل المنطقة. فضلا عن ان الحرص المشترك على الدعوة الى حلول سياسية لكل الأزمات يتطلب القراءة في كتاب جيوسياسي واحد عن المستقبل العربي. واذا كان الملك سلمان يقول ان بلاده لا تتدخل في شؤون لبنان الداخلية، فان اللبنانيين الذين يطلبون التدخل عادة مُطالبون بوضع حدّ لأي تدخل خارجي آخر.
كيف؟ تلك هي المسألة. فالسياسة الخارجية لأي بلد هي الوجه الآخر للسياسة الداخلية. والتزام سياسة خارجية عنوانها الابتعاد عن الصراعات والتزام ميثاق الجامعة العربية يفرض اتفاق اللبنانيين على السياسة الداخلية، وامتناع أي طرف لبناني عن ممارسة سياسة خارجية خاصة به أو اقامة تحالفات اقليمية مضرّة بلبنان وميثاق الجامعة العربية.
الآن بدأنا نشتغل سياسة بعدما كنّا نشتغل ببعضنا بعضا، يقول الرئيس سعد الحريري. والامتحان العملي ليس فقط في قانون الانتخاب والموازنة والابتعاد عن المحاصصة ومكافحة الفساد بل أيضا في تطبيق المعنى النبيل للسياسة وهو فنّ ادارة شؤون الناس.

اقرأ أيضاً بقلم رفيق خوري (الانوار)

أي مبارزة بالصواريخ بين أميركا وروسيا؟

الصعب والمستحيل في أزمة مفتوحة

سوتشي عكس جنيف أم الطريق اليه؟

لا مشروع بل ممانعة للمشروع الاقليمي الايراني

فرصة المخرج الفرنسي وتحديات المدخل اللبناني

تباين في توظيف المعركة ضد داعش

أي ادارة ومعيار لتنظيم الخلاف؟

سوريا أرض اللقاء بين الكبار المختلفين

ماذا بعد الاقتراب من المدار الروسي؟

أبعد من خلاف المتفقين على عودة النازحين

ليس بالقانون وحده يحيا التمثيل الصحيح

عناصر القوة والضعف في محاربة داعش

العودة الى جنيف من طريق استانا

محاربة الارهاب الداعشي ومواجهة الفقه الداعشي

قمة البحر الميت: تحدّي إحياء العروبة

منبر لتوجيه رسائل لا مركز للقرار

موسكو حامية النظام وراعية المنشقين عنه

أبعد من القانون وانتخابات خائف ومخيف

أي ابتعاد للبنان عن الصراعات الخارجية؟

حطام العقل الغربي وإلغاء العقل العربي