“هآرتس”: خطة كيري جيدة لليهود

•هذا كان متوقعاً، أن يركز رئيس الحكومة في تطرقه إلى خطاب جون كيري، على انتقادات الأخير بشأن المستوطنات. ربما هناك مجال للتعبير عن خيبة الأمل من جرّاء الانتقادات القاسية، فليس هناك من يحب النقد. هذا على الرغم من أن جزءاً كبيراً من يهود الولايات المتحدة ومن مواطني إسرائيل يشاركون كيري في هذه الانتقادات. وعلى الرغم من تشديد كيري على أن المستوطنات ليست العقبة الوحيدة – وأيضاً ليست الأساسية – في وجه التسوية السلمية في المنطقة، فقد امتنع رئيس الحكومة عن التطرق إلى إلى الجزء الأهم والأكثر حيوية، والذي له نتائج بعيدة المدى في خطاب كيري. وفي ما يلي ستة مبادئ يجب أن تشكل أساساً للمفاوضات بشأن تسوية دائمة بين إسرائيل والفلسطينيين.
1.يتبنى كيري وجهة نظر نتنياهو القائلة بحل الدولتين لشعبين من خلال الاعتراف الذي لا لبس فيه بإسرائيل بصفتها الدولة القومية للشعب اليهودي، وبالعلاقة العميقة بين الشعب اليهودي وأرض إسرائيل، وخاصة القدس. ويشار إلى أن الفلسطينيين يرفضون هذه المواقف رفضاً باتاً. إن تبني الولايات المتحدة لهذه المواقف كأساس لأي تسوية هو إنجاز سياسي من الدرجة الأولى بالنسبة إلى إسرائيل.
2.خطة كيري ترفض حق العودة. وبالاستناد إليها، فإن حل مشكلة اللاجئين يجب أن يتضمن تعويضات، وتوفير مسكن دائم، والاعتراف بالمعاناة (من دون تحديد من المسؤول عنها)، وكل ذلك من دون المس بمبدأ الدولتين. ومغزى أقواله واضح، لم يتردد كيري في القول علناً إن حل مشكلة اللاجئين يجب ألا يمس الطابع اليهودي لدولة إسرائيل، أي ليس هناك حق عودة. وهذا أيضاً إنجاز مهم لإسرائيل.
3.لقد تبنى كيري كامل موقف إسرائيل الذي يقول إن التسوية يجب أن تشكل نهاية النزاع، ومعنى ذلك نهاية مطالب الطرفين. كما يجب أن تترافق مع اعتراف الدول العربية بإسرائيل وإقامة علاقات طبيعية معها.
4.تتبنى الخطة أيضاً موقف إسرائيل الذي شدد عليه نتنياهو مرات لا تحصى، والمتعلق بتجريد الدولة الفلسطينية من السلاح. ويعترف كيري بحاجات إسرائيل الأمنية الخاصة وبالحاجة إلى وضع ترتيبات أمنية بعيدة المدى تتيح لإسرائيل ليس فقط الدفاع عن نفسها في وجه المخاطر التي تتربص بها في ما وراء الحدود، بل أيضاً تتيح لها منع حدوث عمليات إرهاب ضدها من الدولة الفلسطينية. وشدد على ضرورة ألا تتحول الضفة الغربية إلى غزة ثانية.
•صحيح أن هناك مسائل لا تنسجم مبادئ كيري بشأنها تماماً مع موقف إسرائيل، لكن حتى هذه المسائل تضمنت وجهات نظر إيجابية. تتحدث خطة كيري عن خطوط 1967 كأساس للحدود المستقبلية، لكن كيري يذكر علناً تبادل أراض يعكس الواقع الديمغرافي القائم في المناطق [المحتلة]، وقال إن كتل المستوطنات ستبقى تحت السيادة الإسرائيلية.
•إن خطاب كيري والمبادئ التي قدمها، والتي هي في الواقع أطر قدمها أوباما، هو خطاب مؤيد لإسرائيل بطريقة واضحة. وليس من الغريب أن تسارع السلطة إلى رفضه. إن محاولة تصوير كيري وأوباما كمعاديين لإسرائيل ظلم أخلاقي يفتقر إلى الحكمة السياسية. صحيح أن إدارة أوباما تنهي مهماتها بعد ثلاثة أسابيع، لكن أوباما ليس تاريخاً ماضياً، والأطر التي وضعها ستتحول إلى جزء من جدول الأعمال الدولي، وسيتم استيعابها من جانب الرأي العام في الولايات المتحدة وفي العالم.

(*) مؤسسة الدراسات الفلسطينية