حلب ليست نهاية الشوط

جليل الهاشم

ماذا بعد حلب؟

في الحسابات العسكرية البحت انتصرت ايران وسوريا والنظام السوري في حلب مثلما حقق هذا التحالف في السابق انتصارات مماثلة في حمص وضواحي دمشق. وبدأ كل ذلك منذ التدخل الروسي في ايلول 2015، فقبل هذا التدخل كانت المعارك تسير في منحى آخر جعل الاسد يعلن عجزه عن المواجهة وقيل يومها الكثير عن استغاثته بالروس وعن تدفق الوفود الايرانية الى موسكو طلباً للدعم.

في الحسابات العسكرية يبقى امام الروس وحلفائهم خوض معركة إدلب وهذا ما لا يخفيه المتحدثون العسكريون في موسكو ولا أركان النظام السوري ولا قادة إيران وإذا تحقق الإنتصار في إدلب على شاكلة انتصارات حلب وحمص تصبح منطقة ما يسمى بسوريا المقيدة تحت سيطرة الثلاثي الروسي- الايراني- السوري.

واذا كان هذا الثلاثي يتمسك فعلاً بسوريا الموحدة سيكون عليه الانتقال مباشرة الى خوض معركتين أساسيتين في الرقة ودير الزور حيث لا يزال تنظيم داعش يواصل نفوذه خصوصاً ان المعارك الأخيرة في حلب لم تتعرض له بسوء.

سكان يتفقدون الدمار الناجم عن غارة جوية في حي خاضع لسيطرة المعارضة في حلب بسوريا يوم 2 يونيو حزيران 2016. تصوير عبد الرحمن اسماعيل - رويترز

في الحسابات الإنسانية والإجتماعية والعمرانية دمّر نصف حلب مثلما دمرت حمص ومدن كثيرة محيطة بدمشق وبات نصف سكان سوريا لاجئون في داخل بلدهم وخارجه ومهما كانت حصيلة وأهمية الإنتصارات العسكرية فإن النتائج النهائية تتوقف على طبيعة الحلول السياسية وهنا يطرح المزيد من الأسئلة حول طبيعة هذه الحلول.

 السؤال الاول: هل يعني الحسم العسكري إعادة توطيد سلطة الأسد كما كانت ومن دون أي تعديل وبالتالي تجاهل كل الاسباب والمطالب التي دفعت مئات الالوف من السوريين للنزول للشوارع في العام 2011؟

السؤال الثاني: ما الموقع والدور الذي ستحتله ايران في سوريا خلال المرحلة المقبلة خصوصاً بعد ان قدمت الاموال والمقاتلين والقتلى في سبيل الدفاع عن نظام تعتبره شريكاً أساسياً لها في المنطقة وامتداداً طبيعياً لنفوذها؟

السؤال الثالث: ما الدور الذي ستلعبه روسيا وهل يكون مجرد إشراف على توطيد سلطة الأسد- إيران على بلاد الشام ام انها ستدخل في إعداد تسوية تعيد النظر في طبيعة النظام آخذة بعين الإعتبار مطالب السوريين قبل ان يفجعوا إضافة الى النظام بالعديد من التنظيمات المتطرفة وأُمراء الحرب؟

السؤال الرابع: من سيفاوض باسم الشعب السوري هل في تلك التنظيمات المتشددة المصنف بعضها ارهابياً على مستوى دولي أم تلك الجماعات التي قام نشاطها وسلوكها على تكفير الآخر وإلغائه وذبحه؟

انها الاسئلة الجدية المطروحة الآن في سوريا وحولها ولذلك يخطئ من يظن ان حلب هي نهاية الشوط.

(الأنباء)