حذار من فراغ جديد!

فيصل مرعي

اصبح من المؤكد ان لبنان خرج من فراغ قاتل ومميت، وأنه ولَّى الى غير رجعة، وأن مرحلة جديدة قد بدأت تلوح في الأفق، لا سيما بعد انتخاب رئيس للبلاد. ولكن كان يجب الاسراع في مدّ يد العون له، بتأليف حكومة وحدة وطنية، لا حكومة محاصصة، كما يُروى ويُشاع، لا قدّر الله ذلك. فالبلد لم يعد يحتمل المزيد من العقد والازمات.

فإذا كانت الطبقة السياسية راغبة في الدفع بالعهد الجديد الى الامام، فمن واجبها اعطاء الحكم الزخم المطلوب، إنقاذاً لِمَا تبقى من حياة سياسية، بتأليف حكومة على مستوى المرحلة، خصوصاً وأن الوضع الاقتصادي-الاجتماعي اضحى في اسفل درك، ناهيك عن ان القاصي والداني فاغر فاهه لالتقامه، تارة تحت حجّة ان لبنان يشكل شوكة في خاصرة بعض الدول المحاذية له، وطوراً كونه امتداد طبيعي وجغرافي بموقعه المميز على ضفاف هذا الابيض المتوسط. قلنا الفراغ قد ذهب محططاً رحاله في غير مكان. ولكن لم نعد ندري، أين تكمن المعضلة في الاسراع في تأليف حكومة تشمل كل مكونات الشعب؟ أهي محلية، أم اقليمية؟ أم هي في تقسيم الحصص؟ فهل المطلوب، إبقاء لبنان في دائرة ما يجري من تطاحن وتقاتل، كي يبقى لبنان غرضاَ وهدفاً لسهام الآخرين؟ فإذا كان الهدف تفريغ لبنان من مقوماته، وعدم إعطاء العهد الجديد فرصة، دفعاً به الى الأمام، فهذا يعني ان هنالك نوايا لجرِّه الى ما لا تحمد عقباه.

Saraya-New

في كل الاحوال، في اعتقادنا أن لبنان لن يُجرّ الى ما يضمرونه من كيد وسوء، بل سيّرد كيدهم الى نحورهم، ولن يستطيعوا إلباسه لبوساً غير لباسه. صحيح، ان المرحلة يشوبها بعض القلق، ولكن ليس على المصير، باعتبار ان ما يحصل حالياً من تجاذبات ومماحكات سياسية، هو أشبه بزوبعة في فنجان لا أكثر وعلى ما نعتقد، وما يسود من تفاهمات، ان الفراغ اصبح وراءنا، سيما وأن الكل يعلم ان نتائجه قد تقصم ظهر البلاد على كل الاصعدة والمستويات. ليس من شك، أننا سائرون في طريق واضح المعالم، لا لبْس به، ولا غموض، خاصة وأن انتخاب رئيس للجمهورية، جاء من منطق وطني خالص، حاملاً في طياته الامل المنشود للجميع وعلى السواء، دون استثناء. فلا مجال بعد اليوم، للمراوحة في دائرة الفارغ، خصوصاً وان القيادات السياسية، أدركت أن لا مفرّ من عملية اصلاح شاملة تنشل الوطن من عثراته وأزماته، وخلاصه من وحول الطائفية المقيتة، وإصلاح ما فَسُد في العهود السابقة. إننا على مشارف عهد جديد، نأمل ان يُنقذ البلاد والعباد من عفن عهود غابرة، أوصلتنا الى ما وصلنا اليه من تشلّع، لولا ان تداركوا جحيم فتن ومحن كادت تودي به الى غير رجعة.

أفلا يستحق الشعب الحصول على حقوقه المشروعة، في وقت ينهش فيه البعض حقوقه في وضح النهار، ودون حسيب او رقيب . فليقلع هؤلاء عن مصالحهم الخاصة، وليفكر القابعون في ابراجهم العاجية بالشعب ولقمة عيشه، بعيداً عن هذا الظلم الاجتماعي، اطمئناناً لمستقبله، وصيانة لكرامته، درْءاً لِما هو آت – لا سمح الله- من جور الزمان، وحوالك الايام.

الجميع ينتظر بفارغ الصبر ولادة حكومة جديدة، تشرف على المستقبل، وتخلع كل ما هو قديم، وتأتي بكل ما هو جديد، مواجهة لمرحلة قد تكون اشد شراسة وعنفاً عما مضى، خاصة وأن لبنان لا يزال  في قلب العاصفة. فلا تعتقدوا ان الامر عسير عليكم، لاسيما لجهة عملية الاصلاح السياسي والاقتصادي، ولو بالحد الادنى في الوقت الحاضر، وانتم الذين ارتضيتم المسؤولية، خصوصاً لجهة تعبئة الفراغ.  فحذار حذار من  الفراغ مجدداً…!

اقرأ أيضاً بقلم فيصل مرعي

المعلم كمال جنبلاط مصباح الديمقراطية المتكاملة..

خطاب القسم وحكومة استعادة الثقة

ارحموا لبنان يرحمكم التاريخ..

فلننقذ لبنان اليوم قبل الغد..

طبّقوا الطائف تنقذوا لبنان

لبنان: ديمقراطية مشوّهة وتخبط سياسي…

الاجماع والتوافق (وأي اجماع وتوافق!)

لا للصفقات ولا للاستئثار بعد اليوم

قادة بحجم الوطن أحسنوا قيادة السفينة

النزوح السوري وقانون التجنيس..

حماية لبنان من اولى اولويات الحكومة..

قانون انتخابي بلا نكهة سياسية

لبنان لا تطبيع ولا علاقات…

النأي بالنفس حاجة وضرورة..

..إذا قلنا: أخطأنا…

تسوية جديدة لا استقالة

سلسلة الرتب والرواتب..

لبنان وازمة النازحين..

قانون بلا نكهة سياسية وقيمة اصلاحية؟!

الدولة وحدها تحمي لبنان…