انطوان سعد: جنبلاط «ضمانة الاستقرار»

اعتبر عضو «اللقاء الديموقراطي» النائب أنطوان سعد ان «لبنان سوف يعاني من ضغط سياسي إضافي عليه بعد التطورات السورية الأخيرة وتقدّم النظام السوري في حلب، وبالتالي فإن تشكيل الحكومة سيتأخر أكثر ونبّه من «خطورة تثبيت عرف يقتضي بمنح وزارة المالية للطائفة الشيعية وما يحمله هذا الامر في طيّاته من شبه تثبيت مبطّن لمبدأ المثالثة» مؤكداً ان «ثمة اتفاقا ضمنيا قائما بين رئيس «اللقاء الديموقراطي» النائب وليد جنبلاط والنائب طلال أرسلان على أن تسنَد لأرسلان حقيبة وزارية في حال اتت الحكومة ثلاثينية اما حكومة من 24 وزيراً فلن يتمثّل النائب ارسلان فيها». كلام سعد ورد في تصريح خاص لـ«النهار»، رأى خلاله ان «الدفع باتجاه اعتماد النسبية في قانون الانتخاب، بظل وجود السلاح غير الشرعي، وبظل غياب الدولة، لن يؤدي الى تمثيل عادل للبنانيين»، معرباً عن خشيته من «أن يكون هناك من يدفع باتجاه الفراغ في لبنان، بحيث يبقى البلد بلا حكومة ومجلس نواب، تمهيداً للمؤتمر التأسيسي». في ما يلي تفاصيل الحديث:
بدايةً، هل لديك أي معلومات جديدة عن ملف التشكيلة الحكومية؟ وما قراءتك للتأخير الحاصل فيها على الرغم من كونها حكومة انتخابات؟
انطلاقاً من خطاب القسم ورسالة الاستقلال لرئيس الجمهورية ميشال عون، فإن الرهان كبير على هذا العهد وانطلاقته، من اجل وضع خارطة طريق لاعادة تكوين السلطة على قاعدة العدالة والمساواة، وبالتالي محاربة الفساد. لكن أنا أرى أن هناك بعض المطبات التي تحول في حال استمرارها من تحقيق هذا الإنجاز العظيم. أول المطبات التي ارخت بثقلها على انطلاقة العهد، والتي تعدّ جرس إنذار مبكّر من بعض القوى للحد من مسيرة الإصلاح السياسي المنشود تتمثل بالعرض العسكري الذي نفّذه حزب الله في القصير السورية ومارافقه من مواقف وتصعيد، والعرض المهزلة والمسرحية الذي نفّذه الوزير السابق وئام وهّاب في الجاهلية بجبل لبنان منذ أيام، في استعراض لبقايا الوصاية السورية، وجماعة شكراً سورية. هذه الاستعراضات تفسّر على أنها رسائل مشفّرة او تهديد مبطّن لعهد الرئيس ميشال عون بضرورة عدم تجاوز الخطوط الحمر، التي ربما تكون قد رُسمت سلفاً من خارج الحدود لوضع حد لاندفاعة الرئيس عون، وذلك لأنهم يعتقدون أن القرار السياسي اللبناني يجب أن يبقى مرتبطاً بالقرار الإقليمي الذي تصدره القيادتان الإيرانية والسورية.
هل تعتقد هنا أن تأخير التشكيلة الحكومية يصبّ في الإطار نفسه لفرملة انطلاقة العهد الرئاسي الجديد في لبنان؟
طبعاً. برأيي أن ثمة من أرضى العماد ميشال عون بإيصاله الى سدة الرئاسة وانصرف الى زرع العصي في عجلات عهده. وفي المسألة الحكومية، حتى الآن لم يتوصل الفرقاء الى اتفاق على الحقائب، بحيث لم ينجحوا بعد في إرضاء جميع الكتل النيابية.
من ناحية ثانية، وبعد التطورات السورية الأخيرة وتقدّم النظام السوري في حلب، أعتقد أن لبنان سوف يعاني من ضغط سياسي إضافي عليه، وبالتالي أعتقد ان تشكيل الحكومة سيتأخر أكثر.
حُكومياً، ألا تعتقد ان الصراع المسيحي المسيحي هو الذي يؤخر انطلاقة الحكومة؟
الصراع المسيحي المسيحي جزء من مسببات تأخير التشكيلة الحكومية، لكن ثمة أسباباً اخرى كثيرة أولها الفيتوهات المتبادلة بين الكتل والأحزاب، وتمسك بعض الكتل والطوائف بحقائب معيّنة. ولابد من ان نأتي على ذكر خطورة تثبيت عرف يقتضي بمنح وزارة المالية للطائفة الشيعية وما يحمله هذا الامر في طيّاته من شبه تثبيت مبطّن لمبدأ المثالثة. فبهذا الشكل تصبح المراسيم بحاجة لثلاثة تواقيع من رئيس الجمهورية المسيحي، ورئيس الحكومة السنّي، ووزير المالية الشيعي.
برأيي أن لاحكومة في المدى القريب المنظور، مع التمني الصادق بأن تتشكّل في أسرع وقت ممكن لتسيير شؤون البلد والناس، لكن العرقلة الحكومية التي نشهد فصولها كل يوم في وجه مساعي الرئيس سعد الحريري الجدية لا تبشّر بانطلاقة واعدة للعهد، وحده رئيس «اللقاء الديموقراطي» النائب وليد جنبلاط قدّم التنازلات ويسعى بجدية وحكمة الى تسهيل انطلاقة العهد الجديد، ومساعدة الرئيس الحريري على الانطلاق، وذلك من خلال ترفّعه عن بعض التفاصيل لمصلحة البلد والاستقرار فيه واعادة اطلاق عمل المؤسسات بعد انتخاب الرئيس.
أي وزارات تقرّر اسنادها الى كتلة النائب وليد جنبلاط وفق آخر المعلومات؟
وزارتا العدل والبيئة على أن يستلم النائب مروان حمادة وزارة العدل والنائب السابق أيمن شقير وزارة البيئة.
وماذا عن رئيس الحزب الديموقراطي الامير طلال ارسلان الذي وعده جنبلاط بحصة وزارية؟
ثمة اتفاق ضمني قائم بين وليد جنبلاط والنائب أرسلان على أن تسنَد لأرسلان حقيبة وزارية في حال اتت الحكومة ثلاثينية. اما حكومة من 24 وزيراً فلن يتمثّل النائب ارسلان فيها.
وهل وافق النائب أرسلان على ذلك؟
نعم طبعاً، ثمة اتفاق على هذا الامر.
يقال ان تأخير تشكيل الحكومة مقصود من البعض لتطيير المهل الدستورية والإبقاء على قانون الانتخاب الحالي المعروف بقانون الستّين. فما رأيك؟
بالنسبة لقانون الانتخاب، إذا كانت الانتخابات سوف تحصل في وقتها في شهر مايو المقبل، فإن وزير الداخلية مضطر لدعوة اللجان الانتخابية في شهر فبراير، وبالتالي نكون امامنا مهلة شهر او اقل للتوصل الى اتفاق حول قانون انتخابي جديد، وهذا الامر مستبعد، في ظل الخلاف الجذري حول هذه المسألة، وفي ظل وجود عدة قوانين لدراستها. وبرأيي ان الدفع باتجاه اعتماد النسبية في قانون الانتخاب، بظل وجود السلاح غير الشرعي، وبظل غياب الدولة، لن يؤدي الى تمثيل عادل للبنانيين. من هنا اعتقد ان قانون الستّين يبقى الأفضل في ظل الوضع الراهن، مع ضرورة البحث عن قانون انتخابي يؤمن التمثيل الصحيح والعادل لجميع اللبنانيين، فور الانتقال الى مرحلة بناء الدولة الفعلية في لبنان.
لكن الرئيس نبيه بري يرفض قانون الستين تماماً كما يرفض التمديد للمجلس. فإلى أين؟
أخشى ما أخشاه أن يكون هناك من يدفع باتجاه الفراغ في لبنان، بحيث يبقى البلد بلا حكومة ومجلس نواب، تمهيداً للمؤتمر التأسيسي.
انت نائب عن منطقة راشيا، التي أثيرت حولها وحول محيطها في حاصبيا والعرقوب مؤخراً تساؤلات أمنية كبرى. هل صحيح ان المنطقة مهددة أمنياً من قبل المسلّحين في المقلب الثاني من الحدود مع سورية؟
في راشيا الوضع آمن مئة بالمئة حتى الآن، تماماً كما بقيت راشيا طوال سنوات الحرب. أما بالنسبة لما أثير حول منطقة شبعا، فمن المهم التأكيد على أن طبيعة المنطقة الجبلية الوعرة تجعل الدخول إليها أمراً غير سهل إلا إذا تدخلت إسرائيل وسمحت لمسلحي «داعش» أو «النصرة» بالدخول الى لبنان وهذا الامر مستبعد الى حد كبير اليوم. ومن المهم التأكيد على ان الوضع الأمني في المنطقة على مستوى الطوائف آمن مئة بالمئة بوجود شخصية حكيمة مثل وليد جنبلاط، بحرصه الدائم ومتابعته المستمرة لأوضاع وحاجات المنطقة وأهاليها.
عبّر وليد جنبلاط في تصريحه الأخير عن قلق كبير على حياته. فمن المستفيد اليوم من قتله؟
النظام السوري وكثيرون لا يحبّونه في الداخل اللبناني، خصوصاً لأنه كان عماد المصالحة في الجبل تلك المصالحة التي أرست عودة المسيحيين الى الشوف والجبل. وليد جنبلاط ضمانة للبنان وللاستقرار في جبل لبنان ولبنان عموماً.

غنوة غازي (النهار الكويتية)