سامحونا!

بقلم الدكتور زهير الأعور

ما دمنا نجلس جميعا على كرسي الإعتراف في هذا اليوم ونخاطب المعلم لنتشكى له لما وصلنا إليه من قلة الإنسانية هذه الإنسانية التي لطالما حمل لواءها كمال جنبلاط وقلة الأخلاق والأخلاق التي كان رمزا لها والبعد عن القيم والتلهي بالمنفعة الشخصية والمادية وفقدان روح الجماعة…

وتعلو الأصوات لتنادي نبي العصر بأن زمنه قد ولى وفكره لم يعد يصلح وكلامه لا ينفذ وأتباعه لا يمارسون تعاليمه ممكن أن يكونوا على حق في الحقائق لكنهم متغاضون عن الأسباب ويحصرون العلة والتقصير والتغيير والتشهير في هذه المجموعة فقط وكأنهم غيروا العالم للأسوأ ومسؤولون عن ٤٠ عاما من الزحف إلى المجهول.. “ما الكون كلو برم”.. وكأنه لم ينهار الإتحاد السوفياتي وخطف معه كل قوى التحرر وأضعف بل إضمحل دور اليسار معه…وكأنه لم يستفرد العم سام بحروب النفط والسيطرة على القرية الكونية بالعولمة التي أدخلت الى كل بيت الكمبيوتر والانترنت وقطعت أوصال القيم والعوائد والتراث والتجذر والعائلة والأخوة…

وكأنه لم نعد إلى عصر الخلافة المتسلحة بالجهل الديني الذي أصبح المسيطر والقابض على الزناد والسكين والساطور معا”…

وكأن الفلسطينيون لم يصبحوا وقودا” لبعضهم البعض والربيع العربي الذي جاء بالخزي على الشعوب وأسهم بالتفكك العربي وساد الفقر والعوز والموت والتهجير… ولم يخبروك عن الحرب الشرسة ١٣ سنة من بعدك و٢٠ سنة حرب عامودية باردة أقسى من حرب المدفع وهنا كان الناس وقودا” وأداة لتغيير المفاهيم…

فتغير التعامل والضمير والألفة واللهفة في كل بقاع الارض… وغابت الدولة واستلمت أمور الناس قوى الأمر الواقع وهنا يكمن الخطء عادت الدولة وما زلنا ننظر لأحزابنا بأنها بقرة حلوب وننصبها مسؤولة عنا بدلا عن الدولة… وإن لم تحلب تلبط.

فهل هذا يعني أن نزهد المتحمسين ونفرمل المنطلقين ونسخف الناشطين وننكث بالمستقيم واليقين؟ ليتهم لو يخبروه بأن المنافع تصل إلى قلة ولو توسعت المنفعة لكان كل شيء على ما يرام ويناشدوه بالمناصب التي لم يصلوها ولو وصلوها لكانوا في طليعة المهللين…ماذا تريديني أن أفهم يا معلمي؟وأنت الذي رسمت الطريق وكنت تعلم ونبهت لما سنصل إليه ومن هنا أسميت الحزب بالتقدمي لأنك تعلم ١٩٤٩ غير ٢٠١٦.

وأنت القائل: “ستضيق الأرض بأهلها”…. هل أنت لم تستطع مخاطبة أجيال لمئة عام للأمام؟… هل نطمر ما كتبته وننسى ما أوصيت به ونسكر أبواب المنتجة للنخب ونحل الحزب ونفتش عن طرق آخرى؟ لنرضي العاتبين ونكفي المحرومين وننصف المؤلشقين ونسكت المتبجحين…هل هذا هو حلكم؟ ننتقد ولا نقدم البدائل وإن وجدت البدائل نشكك ونستهزأ… هل ننسى المصير والوجود والتاريخ… سامحهم يا ملهمي لن يقف الزمن عندهم ولن يتوقف ما بدأت به لأنه راسخ وصالح لكل من يريد أن يتسلح به… ليت المتشائمون لا يكسروا المعنويات ولا يجروا العربة إلى الخلف وليعطوا زيادة على ما قدموه ويصححوا ما أفسدوه ويعودوا لما ورثوه ويساهموا بالتجدد والتحضر والتنشيط والتنظيف للمسيرة والتقحيط لكل الرواسب وإلا فليستريحوا ولا يقتلوك مرتين.

إذا كنت أوافقهم على موجة الإبتعاد عن تعاليمك وقيمك ومبادئك بحكم الزمن المريب الموجودين فيه وإذا وافقتهم على صعوبة صمود الملتزم والمحفز في أجواء الإستهتار والتسخيف والتفخيت والغناء على الأطلال لن أوافقهم بالتأثير على مسيرة مستمرة بطيئة كانت أم سريعة إنما موجودة ومستمرة بإيصال تعاليمك وفكرك إلى أجيال قادمة حتما ستحمل معها كمال جنبلاط.!