حكومة لبنان بين التجربتين المغربية والعراقية

جليل الهاشم

لم يعد احد يصدق ان ما يعيق تشكيل الحكومة الاولى في عهد الرئيس ميشال عون هو خلاف على الحقائب، كما لا يصدق احد ان ممثلاً لفئة ما يمكنه ان يمنع انطلاقة مطلوبة لعهد جديد جمع بطريقة أو بأخرى اغلبية وازنة من القوى السياسية والطائفية، التي انتجت رئيساً للجمهورية يتمتع كما يقولون بشرعية تمثيلية في بيئته ورئيساً للحكومة لا يقل في حجمه التمثيلي ضمن بيئته أهمية عن حجم رئيس الجمهورية.

ضمن هذا المنطق لا تعود العقبات التقليدية من مطالب توزير وضمان حصص غير ذات شأن. بل على العكس فان قوة الضغط التمثيلية تفرض تسريعاً وتذليلاً للعقبات وصولاً الى حكومة تقوم بما عليها في مرحلة انتقالية عنوانها إجراء الانتخابات النيابية ليتم بنتيجة حصيلة هذه الانتخابات الانتقال الى حكومة أخرى تكون مستندة في تركيبها الى ما ستفرزه الانتخابات من احجام تمثيلية للكتل النيابية والنواب المنتخبين.

الا ان العرقلة الحاصلة لا تشجع هذا السياق فهي تؤدي قبل كل شيء الى نسف الدور المطلوب من الحكومة المرتقبة وهو اجراء الانتخابات النيابية في موعدها في ايار المقبل، وما قاله وزير الداخلية نهاد المشنوق في مؤتمره الصحافي يوم الاربعاء الماضي كان اشارة تحذيرية اذ ليس امام الحكومة في حال تشكيلها الا القليل من الوقت لإعداد قانون انتخاب جديد وإقراره قبل الدعوة لإجراء الإنتخابات على اساسه، وكل ذلك ينبغي ان يحصل قبل الخامس عشر من شباط عندما تبدأ المهلة الأخيرة لإجراء الإنتخابات وفي موعدها فإذا لم تحصل معجزة وتتشكل الحكومة خلال ايام أو حتى ساعات فإن الإنتخابات تصبح امام احتمالين إما التأجيل وإما إجرائها على اساس القانون الحالي الذي تزعم مختلف القوى السياسية انها تريد تغييره لضمان تمثيل أفضل الناخبين وللفئات اللبنانية على اختلافها.

واذا ذهبنا أبعد من ذلك فإننا وبقليل من سوء النية سنكون أمام مشهدٍ آخر فهل المطلوب منع تشكيل الحكومة وتكرار المشهد العراقي عندما فاز إياد علاوي بالأكثرية النيابية فمنع من تشكيل الحكومة وكرس خراب العراق على يد نور المالكي ليكمل الرئيس جلال طالباني بقية حياته في المستشفى من دون عمل؟

هذا اجتهاد مشروع في التحليل نأمل أن لا يكون صحيحاً وأن يكون الوقت المعروف في مشاورات التشكيل وقتاً طبيعياً فالأفضل بالنسبة للبنان عرقلة على الطريقة المغربية حيث مشاورات تشكيل الحكومة مستمرة منذ شهرين بدلاً من عرقلة على الطريقة العراقية لم تسفر إلا عن خراب.