فخامة الرئيس.. دولة الرئيس.. هذا ما يريده الناس بكل بساطة!

محمود الاحمدية

“عدل، ساعة في حكومة خير من عبادة ستين سنة” (النبي محمد صلى الله عليه وسلم)

 في جلسة صباحية أردتها جامعة للجيران على فنجان قهوة… الحديث كان عن الوضع الحالي والآمال والتخوف من المفاجآت والرهانات على مقدرة العهد الجديدة في مواجهة الصعاب والعقبات على كل الأصعدة… تفاجأت بأحدهم يقول: آخر همي أن يكون فلان أو فليتان الوزير ومن أي طائفة ومن أي مذهب المهم يكون فاهم وزارته وصاحب رؤيا وإرادة وعادل و…و… والأهم من كل ذلك يكون نظيف وآدمي… لأن الناس في حالة قرف … وأردف الجار الثاني: يا أخي أنا بالنسبة لي هيدا صاحب موتور الإشتراك أهم بالنسبة لي من وزير الطاقة لأنه يؤمن لي الكهرباء وصاحب الدش الكبير اللي بيسمحلي شوف مباراة في أقاصي الدني وشوف كافة المحطات أهم من وزير الإتصالات… الثالث فات على مومضوع المياه: يا عمي الكميون اللي بيوزع مياه معبأة!! أهم من أي مسؤول… يعني جلسة أخذت وقت ساعتين مرت مثل اللحظة… وخلاصتها أن الناس في واد والمسؤولون في وادٍ آخر…. والناس تزن بالملغرام كل الذين يتحركون على الشاشات مثل القردة ويطلقون مدفعية جملهم وكلماتهم وخاصة هذه المقابلات السياسية السمجة نفس الوجوه نفس الأسئلة نفس النحنحة وطعجة القعدة وتدوير الشفاتير أو عفواً الشفايف والصوت الراعد فتجد نفسك وبتأفف كبير تدير المحطة باحثاً عن محطة أخرى تعرض فيلماً يأخذك الى عوالم أخرى وينسيك واقعاً مريضاً غارقاً في مستنقعات الجهل والتعتيم والتعتير…ودرجت مسألة التكريم وبالمئات وهات يا دروع جاية ودروع رايحة واسماء لم تقدم شيئاً تتفاجأ بتكريمها وكله طبعاً على حساب الجيوب المنتفخة ظلماً وعدواناً وسرقة من حصص الشعب وحقوقه وعرقه وعذابه…

أمام هذا الواقع المريض ومنعاً للتشاؤم الكبير وحتى لا يصبح المشهد سوداوياً الامل كل الأمل أن ترى الناس عملاً على الأرض عملاً ملموساً وتشعر به في حياتك اليومية وبدون أي تسطيح للأمور وعلى سبيل المثال وكنموذج في اللحظة التي نرى فيها أن ساعات الكهرباء قد زادت يومياً فيشرقط الفرح داخل البيوت العتيقة في المدن النائمة والبيوت النائية في القرى جميع القرى فيشعر كل مواطن أن ستة ساعات كهرباء زيادة عن الماضي تجسد انجازاً ضخماً ولا حدود لتقديره بعد أن أصبحت الكهرباء (عمله صعبة) نادرة، ومن جهة ثانية وبطريقة حسية إذا أفاقت الناس ذات صباح والطرقات تلمع بالنظافة ولا تشوهها ورقة ولا بقايا نفايات ويتغير لون الهواء وينتشر عبير الشجر ناشراً الأوكسجين في الهواء الطلق، ويشعر المواطن أن تلال (الزبالة) أصبحت من الماضي وأن هذه الزبالة ارتقت لتصبح نفايات نعمة وليست نقمة، نفايات تدرّ الملايين من خلال تدويرها وإعادة استعمالها وتشغّل آلافاً من الأيادي العاملة مثل بقية العالم المتحضر، المتمدن، وعندما ترى الناس وقد أصبحت تحترم مطلق أي رجل يرتدي ثياباً حكومية رسمية فينتظم السير وتتعقلن قيادة السيارات بتطبيق القانون ويصبح للحكم هيبة ووقار وقوة والقائمة تطول وصولاً أخيراً لا آخراً أن يرى الشعب مشانقاً تُنصب لتضع حدّاً للجرائم التي لا يستطيع عقل عاقل أن يصدّق أنها تحدث في الألفية الثالثة وآخرها جريمة عكار وضحاياها أربعة قتلى من أجل اسباب سخيفة وقبلها جريمة عشقوت وضحاياها أربعة قتلى… والفلتان لا يقره عقل ولا دين ولا يقبله مطلق أي مسؤول يتحمّل ذرّة من المسؤولية والضمير… هذا إذا بقي ضمير…

فخامة الرئيس، دولة الرئيس، الحكومة المثلى هي حكومة القانون والمؤسسات لا حكومة الرجال والأشخاص، والسياسة هي اقتياد قلوب العامة بالإنصاف لها والحاكم كالبحر تستمد منه الإنهار، فإن كان عذباً عذُبت وأن كان مالحاً ملُحت، وأخيراً لا ديمقراطية دون محاسبة وإلا انكفأ الأخيار وتمادى الأشرار.

كلمات بسيطة أحببت إرسالها للعهد الجديد علّها تجد آذاناً صاغية مع شكري وامتناني.

*رئيس جمعية طبيعة بلا حدود

*عضو اللجنة البيئية في نقابة المهندسين في بيروت

اقرأ أيضاً بقلم محمود الاحمدية

لبنان لن يموت

أكون حيث يكون الحق ولا أبالي

لماذا هذا السقوط العربي المريع؟!

جشع بلا حدود وضمائر ميتة في بلد ينهار!

جاهلية سياسية… بل أكثر!

معرض فندق صوفر الكبير والتاريخ والذاكرة

قال لي: عندما تهاجم الفساد ابتسم بألم!!

إذا أجمع الناس على مديحك سوف أطردك!!

التاريخ لا يرحم… يجب إعادة كتابته

ما هو دوري كوزير جديد؟

مشروع كمّ الأفواه تدمير للبنان الرسالة

الجامعتان اليسوعية والأميركية تنسحبان: التعليم العالي في خطر

السويداء في عين العاصفة

تقريران رسميان متناقضان عن تلوث بحر لبنان

في ذكراها الـ 74 اسمهان: قصصٌ خالدة

طبيعة بلا حدود ربع قرن من النضال البيئي

فريد الأطرش وشوبرت والفن العالمي الخالد

يوم البيئة العالمي: التغلب على تلويث البلاستيك

قطعة الماس في جبل من الزجاج

مسيرة منتدى أصدقاء فريد الأطرش تشع في دار الأوبرا في القاهرة