ما قد يعنيه فوز ترامب بالنسبة للعلاقات بين الولايات المتحدة وروسيا

اهتزت الدوما الروسية (البرلمان) بالتصفيق لدى إعلان فوز دونالد ترامب في الانتخابات الرئاسية الأمريكية في 9 تشرين الثاني/نوفمبر. وبالفعل، من حقّ الكرملين أن يكون سعيداً. فقد عبّر ترامب في حملته الانتخابية، وبإصرارٍ كبير، عن إعجابه بالرئيس الروسي بوتين أكثر من أي دكتاتور آخر. كما صرّح أنّه سوف “يبحث في” رفع العقوبات المفروضة على روسيا والاعتراف بشبه جزيرة القرم كجزءٍ منها. ووصف ترامب حلف شمال الأطلسي بالـ “قديم والمكلِف” وأشار إلى أنّ الولايات المتحدة قد لا تساعد حلفاءها الضعفاء في حلف “الناتو” إذا ما تعرّضوا للهجوم، على الرغم من أن المعاهدة تلزمها القيام بذلك. وقد أحاط ترامب نفسه بمجموعةٍ من الشركاء المقربين من موسكو، في حين خدم الاختراق الروسي لنظام البريد الإلكتروني الخاص بـ “اللجنة الوطنية الديمقراطية” الحملة الانتخابية لترامب.

فما هي الإجراءات التي سيتخذها ترامب تجاه روسيا بعد تولّيه منصب الرئاسة؟ والجواب البسيط على هذا السؤال أننا لا نعلم. فترامب رجلٌ يصعب التنبؤ بخطواته. أضف إلى ذلك أننا لا نعلم خططه للسياسة الخارجية، إذ لم يقدّم سوى رؤوس أقلامٍ حتى الآن، وكان معظم تركيزه يصبّ في الشؤون االمحلية.

لذلك، ونظراً لخطابات ترامب حول روسيا وميله لعقد الصفقات وافتقاده لأي مبدأ إيديولوجي وتفضيله الواضح للأهلانية، من المحتمل جداً أن يرفع العقوبات عن روسيا مقابل تعاون الرئيس بوتين في سوريا، حيث ينظر كلاهما إلى الوضع السوري من الزاوية نفسها، ويعتبران أنّ كلّ من يحارب الدكتاتور السوري بشار الأسد يكون إرهابياً. وسيكون هذا الاحتمال مرعباً لو تحقق، إذ سيستمدّ بوتين عند ذلك الحين المزيد من الجرأة للتسلّط على البلدان المجاورة لروسيا وإثبات نفسه في الشرق الأوسط وتعزيز حملة التضليل التي يقودها من أجل إضعاف أوروبا والاستمرار في قمعه للشعب الروسي. وسيشاهد باقي الدكتاتوريين في العالم ذلك.

لكن في الوقت نفسه، وعلى الرغم من حماسة موسكو ودعمها لترامب خلال الحملة الانتخابية، سيتعين على الروس اليوم أن يتعاملوا مع هذا الأخير. إنّ بوتين على خير يقينٍ من أنّ الكلام لا قيمة له إلى أن يقترن بالفعل. بالإضافة إلى ذلك، علينا أن لا ننسى أنّ النظام الأمريكي سيستمر في تقييد ترامب. والسؤال الذي يطرح نفسه هنا، على مَن سيلقي بوتين لوم مشاكل روسيا في المستقبل إذا أعلن أنّ الولايات المتحدة لم تعد العدو؟

من الناحية التاريخية، نلاحظ أنّ القادة السوفيت فضّلوا التعامل مع الجمهوريين الذين اتسموا بالتوافق [في السياسة] والواقعية، إذ دائماً ما كانوا يفون بوعودهم. لذلك، لطالما عرف الكرملين ما الذي يمكنه توقّعه من الجمهوريين ومكانته بالنسبة إليهم. واحترم الكرملين الجمهوريين لتحلّيهم بهذه الصفات واعتبر أنّ الديمقراطيين ضعفاء، حتى لو لم يتناسب هذا الاعتبار بالضرورة مع الواقع. إلّا أنّ ترامب تحرّرٌ من الكثير من التقاليد الجمهورية – وفي الحقيقة كان ديمقراطياً معظم حياته – وقد يشكّل سلوكه الخاطئ وغير المتوقّع إشكالاً جديداً. وقد يتّفق ترامب وبوتين فيما بينهما إلى أن تتغيّر الأوضاع، ولكن الضرر لمصداقية الولايات المتحدة وحلفائها قد يكون قد حصل بالفعل.

ويشكّل فوز ترامب مشكلةً اليوم، ولكن كما سبق وذكرنا، ليست لدينا أدنى فكرة عن مخططه المستقبلي حتى الآن. وستكشف الأسابيع القليلة القادمة عن المزيد في هذا الصدد.

(*) معهد واشنطن