صناعة الزعامة بالمحبة: أنيس سلوم نموذجاً!
وهيب فياض
17 نوفمبر 2016
لا مكان في عالم الصحافة للوجدانيات والمشاعر الانسانية ولا للأخبار والمقالات التي تصف عالم القيم للشخصيات العامة، اما لانها تجارة خاسرة مع محترفي قراءة المقالات الطنانة والعناوين الرنانة وهم بلا شك اكثر من محبذي معرفة ما يخالج نفوس المشاهير من عواطف إنسانية. وأما لنقص في المعلومات حول شخصية من تكتب الصحافة عنه، سواء كانت الوسيلة الإعلامية غارقة في بحر موالاته، او معاداته، لا فرق طالما ان الحالتين تستفزان القارىء ليقرأ.
أما من يكتب في هذا المجال فهو محكوم من القارىء سلفا اما بكونه معادياً يفتش عن ثقب اسود، او تفصيل فضائحي، في شخصية عامة، ليجد مكانا لما يكتب في الصحافة الصفراء وأما بكونه موالياً، من اجل جلب منفعة، يحسن من اجلها، فن المديح.
حالة وحيدة وخاصة تشذ عن هذه التوصيفات، هي الكتابة الوجدانية، عن شخصية عامة، بمناسبة حدث ما، يستحق لفرادته، ان يكتب عنه وهذا بالذات ما دفعني للكتابة، عندما رأيت صورة وليد جنبلاط وزوجته السيدة نورا، مع انيس سلوم.
انيس سلوم لمن لا يعرفه، إنسان بسيط، قصير القامة، بسيط الملامح، في مشيته شيء يدعوك الى محبة بساطته، يتقدم منك في قصر المختارة، أيا كان سبب وجودك فيه، بفنجان قهوة عربي، من إبريق تراثي، لن تشرب أطيب منه، ويصعب عليك الا تطلب المزيد، ليصبه لك بكل سرور. رؤساء شربوا قهوته، ووزراء ونواب وزوار اجانب من مختلف المقامات والجنسيات، وكل من دخل القصر لا بد انه شاهده، او شرب قهوته.. قد لا يلقون اليه بالا الا اذا كانوا ممن تتغلب إنسانيتهم على ألقابهم، او من زوار القصر الدائمين الذين تعرفوا على طيبته ودماثة خلقه، ورحابة صدره، ورجاحة المحبة في عقله، المجبولة بالانتماء والوفاء للقصر وسيده.
الصورة استفزتني لأكتب، عن علاقة شخصية سياسية استثنائية مثل وليد جنبلاط، بأنيس سلوم ليزوره في منزله.
برأيي الذي قد لا يجد الكثير من القرّاء، في زمن العناوين الرنانة، ان هذه الجلسة تجسد أعلى منسوب من المحبة، والإنسانية، والوفاء، التي ابقت وتبقي ال جنبلاط، على مرتبتهم في قلوب محبيهم.
ان صناعة الزعامة بالمحبة، أصعب صناعة على الإطلاق. وحفظ الزعامة بالانسانية، والوفاء، درع لا يمكن اختراقه.
العادة في قصر المختارة، ان احدا لا يتقاعد، طالما بقي قادرًا على الصعود على درج المختارة، بقلبه وبعقله، قبل قوة جسده ولو بلغ من العمر عتياً.
انيس سلوم، ابو سليم، ابو سليمان، ابو حسن، وسواهم كثيرون، جعلتهم محبة وانسانية الزعامة، حراسها المجهولين، وسمحوا لنا ان نكتب مقالات، تزداد قيمتها، كلما قل عدد قرائها، في زمن قلت فيه صناعة الزعامة بالمحبة والوفاء، فقلّت الزعامات.