مخاوف لبنانية من نتائج الإنتخابات الاميركية

د. ناصر زيدان (الأنباء الكويتية)

تشعر الاوساط السياسية والشعبية في لبنان ببعض القلق من نتائج الانتخابات الرئاسية الاميركية التي اسفرت عن فوز المرشح الجمهوري دونالد ترامب. والمخاوف اللبنانية مُتأتية من مجموعة من العوامل، منها ما يتعلق بتوقُّع تغييرات اميركية اتجاه ما يجري في المنطقة المحيطة بلبنان، ومنها يتعلَّق بالسياسة الاميركية اتجاه الاوضاع الداخلية فيه، امَّا الاهم من هذه وتلك؛ فهي الخشية من تمدُّد موجة التطرف والشعبوية الى الداخل اللبناني، متأثرةً بالراديكالية المُفرطة التي عبر عنها الجمهور الاميركي، ذلك لأن الاوضاع في لبنان تختلف عن الاوضاع في الولايات المتحدة الاميركية، وبالتالي فإن التطرف قد يجرُّ الى تدمير الدولة برمتها.

مهما يكُن من امر؛ فإن الترامبية الجديدة سيكون لها تداعيات في الشرق الاوسط وعلى المنطقة العربية بشكلٍ عام، وبطبيعة الحال على لبنان الذي تفاعل مع تفاصيل المعركة الانتخابية الاميركية كأنها شأناً داخلياً لبنانياً.

بعض الجمهور اللبنانية يرى بفوز ترامب؛ فوزاً للمحور الذي يقف مع النظام في سوريا، لكون ترامب يؤيد سياسة الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، وبالتالي سيتعزَّز دور روسيا وحلفائها في المعادلة السورية، وهذا ما سينعكس على لبنان، والبعض الآخر يرى ان ترامب كان وراء قانون ” جاستا ” الموجه ضد حلفاء اميركا السابقين، وهو مؤشر على تخلي اميركا عن سياستها القديمة اتجاه المنطقة، ومن هذه المعادلة ستستفيد القوى المناهضة للإعتدال في لبنان وبعض الدول العربية. وعلى ضوء هذه المقاربة؛ حضيَ ترامب ببعض التأييد، ولكنه حصد الكثير من المناهضة لتواجهاته في الوقت ذاته.

والتساؤولات اللبنانية الرسمية والشعبية تتمدَّد الى مجموعة من العناويين، منها: هل ستبقي واشنطن على دعمها السابق للجيش اللبناني الذي اسفاد من هذا الدعم في المرحلة الماضية بشقيه؛ الدعم اللوجستي من خلال تقديم كميات كبيرة من الاسلحة والعتاد التي كان يحتاجها في مرحلة حساسة مرَّ فيها لبنان، وفي الشق الثاني الذي يتعلق بالمكافحة الوقائية للإرهاب، بحيث تعاون الاميركيون مع اجهزة الامن اللبنانية ومنها الجيش بالدرجة الاولى، من خلال تقديم المعلومات المفيدة عن تحركات بعض الخلايا الارهابية، وتمكن الجيش من محاصرتها والقاء القبض عليها قبل المباشرة بتنفيذ مخططاتها الاجرامية.

والاوساط اللبنانية المهتمة تطرح مجموعة من الاسئلة الاضافية على ما يمكن ان يحدث بعد تولي ترامب للرئاسة في البيت الابيض: فهل ستبقي واشنطن على فصل لبنان عما يجري حوله، ام انه سيكون ساحة إضافية للصراعات المُدمرة، خصوصاً ان ترامب ينظر الى التطرف في بعض الاوساط الاسلامية على انه قاعدة عامة، وهذا غير صحيح. وهل ستُبقي الادارة الاميركية الجديدة على الفصل بين العقوبات التي يفرضها القانون الاميركي على حزب الله، وبين الاقتصاد اللبناني، ام ان العقوبات ستعود لتشمل زوايا كان قد تمَّ تحييدها عن العقوبات بموجب اتفاق ابرمه حاكم مصرف لبنان رياض سلامة مع الخزانة الاميركية في مايو/ ايار الماضي؟

لقد اثبت نتائج الانتخابات الاميركية ومعها تجارب  الاستفتاء البريطاني على الخروج من الاتحاد الاوروبي الذي جرى في 23/6/206 ؛ ان ركون المُعتدلين، وعدم مشاركتهم الفاعلة في الانتخابات، وإنكفاء المثقفين عن الوقوف بوجه الشعبوية المتطرفة؛ ادى الى نتائج غير محسوبة، وشوَّه بعض زوايا الديمقراطية العددية التي تتحرك احيانا بدوافع غريزية بعيدة عن العقلانية والمنطق، ويبدو ان بعض الاجيال الجديدة يستهويها الذهاب نحو المجهول، هروباً من واقع لم يعُد يرضي حماستهم.

اكثر مما تتخوَّف منه الاوساط السياسية اللبنانية المتابعة لما جرى في الولايات المتحدة الاميركية؛ ان  تتعمَّم  “الترامبية” الجديدة، وبالتالي يسود التطرف والشعبوية كنمط عام، وهو ما يزيد الاوضاع اللبنانية تعقيداً، بينما تحتاج البلاد الى تطوير موجهة الاعتدال السائدة حالياً.

اقرأ أيضاً بقلم د. ناصر زيدان (الأنباء الكويتية)

التوازن السياسي في لبنان

قراءة مختلفة لأحداث الأسبوع اللبناني الطويل

انفلات التخاطب السياسي في لبنان: أسبابه ونتائجه

هل هناك ما هو أبعد من تمثيل نواب «سنة 8 آذار» في الحكومة؟

الرأي العام اللبناني لا يريد التصعيد السياسي

هل انقلبت صفحة التفاؤل.. أم أن التعقيدات غيمة خريف وستنجلي؟

استحقاقات لبنانية داهمة

عن نظرية عدم حصرية تمثيل الطوائف في الحكومة

عن خطورة وخلفيات ما حصل في المطار

لقاء بكركي الذي حرّك السواكن الحكومية

ماذا تقول أوساط معارضة عن الأحجام السياسية؟

مصالح لبنان في سورية ومصالح سورية في لبنان

مواقف في خطاب عيد الجيش

ما مبررات مواقف «الاشتراكي» و«القوات» من تشكيل الحكومة؟

عن الانعكاسات الخطيرة لتوقف القروض السكنية

عن إشكالية حصة الرئيس الوزارية

عوامل التفاؤل والتشاؤم

مرحلة ما بعد الانتخابات والأحلاف السياسية

عن الآثار السياسية لاستبعاد النائب أنطوان سعد

لبنان: الحسابات السياسية تختلف عن الحسابات المالية