المجد يتيم … غاب أبوه!

بقلم رامي درغام

حين أكتب لملحم بركات يرتجف قلمي فهو الثورة، هو الإنتفاضة، هو السيف على كل ما لا يرضيه … ملحم بركات هو الحب، هو الغرام، هو الغزل التي يعكسه بأغنية يتسابق بجمالها اللحن والكلام … ملحم بركات هو الوطن، هو الشموخ، هو لبنان!

نودعك اليوم ونقع بحيرة أندمع أو نبتسم؟ لا نخفي يا أبا المجد دمعتنا، فغاب حضورك على المسارح وملجأنا الوحيد بات صوت بلا صورة ! لا نخفي يا أبا المجد خوفنا، فكنت حارس على باب الأغنية اللبنانية لا يدخل حرمها من أساء تقديمها. وهل بعدك من يحمي فننا من مشلولي الدعسات الناقصة؟ لا نخفي يا أبا المجد ندمنا، فنحن شعب لا نكرم العظماء إلا بعد الرحيل! فكم ظالم هذا الزمان الذي سيوفي ملحم بركات بوسام على نعشه من رجال دولة يتصارعون على رئاسة ما تبقى منها في السياسة فيما بناة دولة الفن يرحلون بصمت …

نبتسم يا أبا المجد، لأنني عندما يسألني إبني غدا” عن زمني سأخبره بأنني عشت في زمن ملحم بركات. فجعلت من حاضرنا الأسود المشؤوم مثال فخر وإعتزاز نتذكره بمستقبلنا الآتي.
نقف في حضرة وداعك اليوم وكأننا أمام خبر لا يصدق، فكان صيفك مليء بالمهرجانات والفرح غير أنه أنتج خريفا” يحمل المعاناة في طياته ومعه أوجاع مرض لو كان ليدرك أنه ينخر قلب الفن والوطن، لكان أصاب نفسه ورحل !

“على باب السما واقف قمرين” فوديع الصافي وصباح يبدعان بدنيا الأبد على خشبات مسرح الغيوم الذي بناه عاصي ومنصور في الأعلى. “وشمس الدني ما عاد تشرق علينا” بعملاق فني بتاريخك فاختارتك أنت أن تصعد لجانبها.. يا أبا المجد، عهد علينا أن نمضي في نهجك مع فيروز والماجدة والحنونة نجوى كرم فلا تاريخ لنا من بعدكم ولا هوية لبنانية لنا لنزهوا بها في أرجاء وطن العرب !

ملحم بركات، تربينا على أجمل أغانيك التي لا يحصرها زمان، فكما في الأفراح كذلك بجلسات العائلة والأصدقاء حتى نزهات السيارة، صغيرنا وكبيرنا يردد إبداعك عن ظهر قلب. وفي القلب تبقى همسة حب تهمسها أنت بعد كل جرح، وفي الوطن تبقى صرخة مقاوم تطلقها أنت عند كل نكسة وفي البال “تعا ننسى” ولكننا لن ننسى….

وداعا” أيها الكبير.