للوفاء عنوان: شريف فيّاض

بقلم رامي الريّس (السفير)

تبدو الكتابة عن المقدم شريف فياض مهمة شاقة. رجل جمع في صفاته ما ندر جمعه في شخصية واحدة. الصلابة والمرونة، الحزم واللين، الأخلاق والمرؤة، الأمانة والإخلاص، الشجاعة والإقدام. قائد عسكري يتمتع بقدر عال من الديبلوماسية، وقلما وجدت سياسياً يتمتع بهذا القدر من الصدق، وقلما وجدت مسؤولاً حزبياً يتمتع بهذا القدر من الصراحة والوضوح.

لم يسعَ شريف فياض وراء المناصب برغم أنها اقتربت منه مرات ومرات، ولم يسعَ للمال والجاه برغم أن فرصاً كثيرة لاحت أمامه عشرات المرات، ولم يسعَ للشهرة والأضواء برغم أن موقعه كان يخوله التحول إلى نجم إعلامي يحتل المنابر والشاشات.

لقد آثر العمل بصمت وهدوء بعيداً عن الضوضاء السياسية والإعلامية.

في أصعب وأدق مراحل الحرب الأهلية، رافق المقدم فياض رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي وليد جنبلاط الذي كلفه قيادة «جيش التحرير الشعبي (قوات الشهيد كمال جنبلاط)» فخاض «معركة الكرامة والوجود» دفاعاً عن الجبل بجرأة وإقدام محتلاً الصفوف الأمامية على الجبهات فضلاً عن مواجهة الاحتلال الإسرائيلي.

برغم أنه كان من أشد المتمسكين بالسلم، إلا أنه عمل على تأريخ تلك المرحلة الصعبة من تاريخ لبنان الحديث، فأصدر كتاباً عن «الدار التقدمية» بعنوان: «نار فوق روابي الجبل» أعاد فيه التذكير بحقائق ووقائع هامة بكثير من الموضوعية.

تولى مناصب قيادية رفيعة لعل أبرزها، بعد انتهاء الحرب، أمانة السر العامة في الحزب التقدمي حيث عمل جاهداً على نسج أفضل العلاقات السياسية مع مختلف الأحزاب متخطياً بشجاعة مرحلة الحرب متصالحاً مع من تواجه معهم في الخنادق ملتزماً بدقة بنهج المصالحات وعودة المهجرين الذي أرساه النائب وليد جنبلاط، من دون أن يغفل النشاط التنظيمي داخل الحزب ومؤسساته الرديفة.

حرص على إعطاء الدور للشباب، فكان يحاورهم ويناقشهم ويسعى لفتح الآفاق أمامهم إيماناً منه باستمرارية عمل الحزب وتجديد نشاطه.

تولى منصب مدير عام «مؤسسة وليد جنبلاط للدراسات الجامعية»، فوضع الأسس والمعايير العلمية لمساعدة الطلاب الجامعيين، وعمل بجهد لأن ينال هذه المساعدة من هم الأكثر حاجة.

أما بعد، وبموازاة استذكار هذه المحطات النضالية؛ تبقى كلمة من القلب:
لقد آمنت أن نبل الأخلاق أكثر قوة من سطوة الفجور، وأن الوفاء والإخلاص أكثر ديمومة من الانتهازية والغدر، وأن المسؤولية تضحية والتزام وليست تشريفاً، وأن المناصب وهمية في مكتسباتها وأن البقاء هو للإنسان بجوهره وحقيقته، وأن الخدمة العامة هي واجب إنساني وأخلاقي وليست ممراً لتحقيق الاستفادة الشخصية والانتفاع، وأن الكلمة الطيبة قادرة على هدم الجدران السميكة.

لقد آمنت بلبنان العربي، الديموقراطي، المتنوع، المتعدد، فعبرّت عن قناعاتك هذه في كل المحافل والمنتديات التي وقفت فيها خطيباً مفوّهاً.
شريف فياض كما نعاه وليد جنبلاط: أغلى الرجال وأشرفهم.
«رح نشتقلك مقدم»!

(*) مفوّض الإعلام في الحزب التقدمي الاشتراكي