برجاله ينهض الوطن

د.محمود صافي

في هذا الوطن الصغير الذي يعاني شعبه من الحساسيات الطائفية والمذهبية، والصراعات السياسية والتسلّط من بعض السياسيين، والتقوقع من البعض الآخر متمسّكين بطروحاتهم التي لا تمتّ للواقع الذي نحن فيه بصلة. يا سياسيي وطني هل تؤمنون أنَّ الوطن هو الجامع لكلّ أبنائه؟ اعلموا أنَّ التفاهم والوصول إلى التسوية السياسية هو الحافز الرئيسي للفلاح بنقل الجمهورية من حال المراوحة والجمود إلى حال أفضل متجانس، يعني السير نحو التطوّر الحضاري فكريًّا، وتحلّي السياسيين بالحوار الجدّي للوصول إلى بعبدا برئيس متّفق عليه من جميع السياسيين. إذا تعثّر الاقتراع في أوضاع هي أقرب إلى الإنقاذ إنقاذ الوطن من الانهيار لنصل إلى سلطة القانون.

إنَّ انتخاب رئيس للجمهورية ليس هو شأن مسيحي، بل هو شأن مسيحي إسلامي، يعني هو شأن لبناني يعني كلّ اللبنانيين، وإلى السياسيين المراهقين عودوا إلى تاريخ انتخاب رؤساء الجمهورية منذ عام 1952 إلى عام 1970 ماذا كان دور كمال جنبلاط في ذلك الزمن؟ كانت الكتل النيابية من كلّ الطوائف والمذاهب تعبّر عن رأي الشعب وحاجاته الاقتصادية والفكرية في الحياة، ويبدو واضحًا أنَّ الاندماج العضوي المتساوي والمتشابه يؤدّي إلى وحدة التلاحم بين أبناء الشعب الواحد وإن تعدّدت اتّجاهاته ضمن حدود الكيان الذي نعيش فيه كشعب في دولة يحدق فيها الخطر من كلّ الجهات، وخصوصًا ما يجري عند جيراننا من اقتتال دامي لا رحمة فيه ولا رأفة بالبشر والحجر.

علينا نحن في لبنان تحصين جيشنا وقوانا الأمنية كي نتدارك هبوب الرياح المؤذية نحونا وخصوصًا في التراشق السياسي نتساءل إلى أين سيؤدّي بنا؟ إلى أحضان المتصارعين في سوريا والعراق واليمن ونصبح ورقة ابتزاز في ملعب المتبارين لا سمح الله؟! أسرعوا في انتخاب رئيس للجمهورية كي تستقيم المؤسّسات، وتستقرّ الأوضاع، ونخرج من الفراغ الذي طال بسبب التهافت للوصول إلى بعبدا من المرشّحين، وعندما كان الرئيس برّي يحدّد موعدًا لانتخاب الرئيس لم ينزل أي من المرشّحين إلى المجلس ويُعطَّل النصاب بإيحاءات خارجية إقليمية.

إلى متى ننتظر رفع الوصاية عنّا ويصبح قرارنا حرّ مستقل ينبع من ذاتنا لبنانيًّا دون انتظار الآمر الناهي والوصي على كلّ مؤسّساتنا، هل سنبقى رهينة بيد الغريب؟ الله أعلم!