فن الانتظار!

منهل العريضي (الأنباء)

إن التركيبة السياسية اللبنانية منذ ما قبل الاستقلال حتى الطائف وما بعد الطائف جعلت هامش الحركة والمبادرة ضعيف لدى معظم سياسيي الجمهورية اللبنانية نظراً لارتباط لبنان بشكل كبير بالصراع الإقليمي والدولي، إن أي مبادرة لا تحظى بدعم خارجي تولد ميتة منذ اللحظة الأولى.

كسرت مبادرة الرئيس سعد الحريري الاخيرة الجمود داخل الحياة السياسية اللبنانية. غير أن هذا التحول الغير مألوف بين مكونات المعادلة اللبنانية يجعل الجميع ينظر بعين الحذر لأي مبادرة تغيّر موازين القوى السياسية.

المؤكد والمعروف أن إتفاق الطائف قد أُعطي جرعة حياة إضافية نتيجة قبول العماد ميشال عون بالتنازل عن المؤتمر التأسيسي لمصلحة الوصول إلى رئاسة الجمهورية مما يُبقي على صلاحيات رئيس جمهورية ما بعد الطائف ويستبدلها برئيس قوي مقابل صلاحيات ضعيفة.

الطائف

يراهن البعض على الكتلة النيابية للرئيس القوي ويتناسوا ان مجرد إنتخاب رئيس للجمهورية يعيد الأمور إلى نقطة الصفر  وتبدأ مرحلة جديدة من الحياة السياسية تبعاً للنظام السياسي اللبناني.

ربح لبنان إنتصاراً معنوياً في ظل وضع إقليمي ضبابي مازال بعيداً عن التسويات الكبرى.

إن التسوية الكبرى هي في عودة رئاسة الحكومة ومجلس الوزراء إلى سعد الحريري وهنا تكمن المبادرة الكبرى والمعركة الأكبر والحرب الأطول.

هنا قانون الانتخابات، وتقاسم السلطة…
هنا رئاسة الحكومة والصلاحيات الواسعة
هنا رئاسة مجلس النواب والنيابة والوزارة…
وهنا ولاية العهد والشارع والزعامة

‏وهمٌ كبيرٌ أنا ما حدث هو بعيدٌ عن الصراع الإقليمي والدولي.

يتقن وليد جنبلاط فن الإنتظار؛ لا يرغب في الدخول إلى مشهديةٍ جديدة في ظل وضعٍ إقليميٍ مشوش وحرب دولية طويلة. يعلم جيداً أننا أبعدنا عنا هذه الكأس المرة بالدماء والشهداء والتنوع ضمن الوحدة. يرى أن العماد ميشال عون قد أخذ درساً من كاماسوطرا ليتوج حبيبته ملكةً على الأرض.

66

غير أن محمود درويش وفِي نهاية قصيدته – كما في السياسة – تنقلب الأدوار:

لن تأتي … سأنقل نبتة الأوركيد
من جهة اليمين إلى اليسار لكي أعاقبها
على نسيانها…

قد نرى ميشال عون رئيساً وعلى أمل أن لا يبقى من قام بالمبادرة “قيد” الانتظار!