مطب الرئاسة!

جليل الهاشم

رغم كل الوضوح الذي يتراءى لمراقبي الوضع الرئاسي بعد التطورات الأخيرة، فإن الغموض لا يزال سيد الموقف والأسئلة لا تزال كثيرة فيما الأجوبة قليلة وغير شافية.

حتى الآن يبدو أن خيار فرض العماد ميشال عون رئيسا للجمهورية هو الغالب حتى أن وكالة الأنباء الإيرانية إعتبرت في تحليل لها من بيروت أن ما أراده حزب الله قد تحققت وتم كسر إرادة آل سعود عندما وافق رئيس الوزراء السابق سعد الحريري على دعم ترشيح عون.

لم تقل الوكالة ولم تهتم بأمكانية وصول عون إلى الرئاسة بقدر ما اهتمت بما إعتبرته كسر إرادة آل سعود، وتأتي التداعيات المحلية لتجعل إجماع الإذعان غير ذي معنى.

بري

فثورة الرئيس نبيه بري ليس عادية ورفضه القاطع لخيار عون بشكل صريح وعالي الصوت ليس تفصيلاً وهذا الرفض إذا كان حقاً له ولغيره إلا أن من حق المتابعين والمصّرين منذ سنتين ونصف على قيام مجلس النواب بدوره في انتخاب الرئيس أن يسألوا لماذا لم ينتفض رئيس المجلس لدى ترشيح مرشحه المفضل اليوم الوزير السابق سليمان فرنجيه ويطحش في معركة انتخابه رئيساً فلماذا بقي صامتا طوال أشهر عديدة إزاء هذا الترشيح.

ثم هناك أسئلة أخرى أبرزها لماذا لم تحتسب تلك الجلسة اليتيمة الأولى التي توفر فيها النصاب جلسة مفتوحة حتى إنتخاب الرئيس إن كان ميشال عون أو سمير جعجع أو سليمان فرنجيه أو بطرس حرب أو جان عبيد أو غيرهم من الأسماء المطروحة جدياً في معركة الرئاسة.

عون-فرنجية0

إنتفاضة اليوم تفهم بأنها رفض لخيار عون وهذا ما يمكن تفهمه لكن بري ليس وحده من يرفض وصول عون إلى الرئاسة كثيرون غيره من النواب والفئات السياسية ترفض هذا الخيار ولديها من ترشحه وتدعمه إلأ أن الرفض الراهن يتعدى بسبب من الوقائع اللبنانية القائمة الموقف السياسي العادي وحرية الاختيار المفهومة إلى طرح موضوع الانقسام العميق حول شكل النظام الدستوري وهو ما ألمح اليه رئيس المجلس عندما تحدث عن رفض صيغة 1943 هذا الرفض يتعدى الموقف من عون ويتصل مباشرة بتحقيقه موقف الشيعية السياسية الممثلة ببري وحزب الله ما يطرح مرة أخرى السؤال الأساسي في هذه المرحلة هل نحن فعلاً أمام انتخاب رئيس أم أمام جعل الرئاسة مطباً للوصول إلى أهداف وغايات أخرى تتصل بصلب النظام وتركيبته منذ إتفاق الطائف.

(الأنباء)