أبو الحسن: جنبلاط لا يمانع وصول عون للرئاسة من ضمن تسوية يرتضيها الجميع

أكّد مفوض الشؤون الداخلية في الحزب التقدمي الاشتراكي هادي أبو الحسن أنه رغم ان الحل الاقليمي لم ينضج بعد ليفكّ أسر الاستحقاق الرئاسي في لبنان، لكنّ الحل الداخلي يتقدم ضمن إطار التسوية، التي لا بدّ أن تفيد في انتشال لبنان من الفراغ، وأوضح أنه إذا كان وصول العماد ميشال عون إلى سدّة الرئاسة من ضمن تسوية يرتضيها الجميع، فلا وليد جنبلاط ولا الحزب التقدمي الاشتراكي سيقفون في وجهها على الاطلاق، مشدداً على أن ما يهمّنا بات الخروج من هذا المستنقع، وإيجاد الحلول للأزمة المالية والاقتصادية والاجتماعية وهذا يتحقق من خلال انتظام عمل المؤسسات الدستورية في لبنان، بدءاً بانتخاب الرئيس، ثم تشكيل حكومة، فقانون انتخاب، فانتخابات نيابية.

كلام أبو الحسن ورد في حديث خاص لـ النهار رأى خلاله أن هذه التسوية ما زالت تصطدم ببعض العقبات الداخلية، وبالتالي المطلوب هو جهد إستثنائي من جميع القوى للوصول لحل ما والخروج من هذا الفراغ، داعياً كل القوى لـ أن تعيد تقييم الموقف المتعلق بالرئاسة، لإيجاد مخرج لهذه الازمة، مركّزاً على أن القوة الحقيقة تكمن بالتضامن والتوافق الوطني العام الذي يشكل الغطاء والدعم لأي رئيس.

ورداً على سؤال حول سرايا التوحيد التي أعلن الوزير السابق وئام وهاب إنشائها، سأل أبو الحسن سرايا على مين؟ ولشو، ورأى ان من يحمي الجميع هي الدولة والشرعية وصوابية الموقف السياسي، مشدداً على أن التهديد لا يربك وليد جنبلاط، ولا حزبه، ولا جمهوره، بل يزيدنا إصراراً على التمسك بنهجه وثوابته، ولن يثنينا عن الاستمرار بسياسة الوصل وتوفير جميع الظروف لتمتين أواصر الوحدة الوطنية، والحفاظ على وطننا لبنان… تفاصيل الحديث مع أبو الحسن في الحوار الآتي نصّه: بدايةً، ما مصير مبادرة الرئيس الحريري الرئاسية؟ وهل لمس الوزير وائل أبو فاعور خلال زيارته الأخيرة الى المملكة العربية السعودية أن الحريري يحظى بضوء أخضر سعودي لمبادرته؟

كانت زيارة الوزير وائل ابو فاعور استطلاعية لتوضيح الرؤية من مجريات الاستحقاق الرئاسي ولإسكتمال صورة المشهد السياسي. أما الجواب عن موقف المملكة، فالمملكة هي وحدها المخولة بالتعبير عن رأيها وموقفها. لكن بالاستنتاج، لا يبدو أن هناك ضوء أخضر لهذه المبادرة، والمملكة تترك هذا الاستحقاق للبنانيين حتى اللحظة. وبالتالي فإن مبادرة الرئيس الحريري تبقى ضمن اطار المبادرة الذاتية لتحريك هذا الاستحقاق.

هل نفهم من هذا الكلام ومن ارتفاع حدة التوتر الاقليمي، أن كل المبادرات الرئاسية تدخل ضمن إطار تمرير الوقت بانتظار التسويات الاقليمية والدولية الكبرى؟

لا بد من التأكيد على أن مبادرة الرئيس سعد الحريري جدية، إنطلاقاً من تقييم وحسابات لديه، وهذا أمر إيجابي كي نخرج من دوامة الفراغ، لكن هذه المبادرة ما زالت تصطدم حتى اللحظة بحائط الاشتباك الاقليمي القائم، والذي يزداد حدة وشراسة ودموية، بدءاً من ما يجري في اليمن، وصولاً الى العراق وسورية، وفي ظل تبدل الموقف التركي، وانهيار التفاهمات الأميركية الروسية بالرغم من ما يطرح حول إمكانية إعادة بعض التفاهمات الى سياقها.

من يتحمّل هنا مسؤولية تدويل الاستحقاق الرئاسي إذاً؟

من الواضح أن اكثر من فريق في لبنان يربطون الاستحقاق الرئاسي بالبعد الاقليمي. وهنا المشكلة، في الوقت الذي نحن فيه خارج جدول اعمال تلك الدول. ولا شك بأن عدم الخروج من هذا النفق ومن هذه الدائرة يأتي نتيجة ارتباط هذا الملف بالحسابات الخارجية. ويبدو أن الحل الاقليمي لم ينضج بعد ليفكّ أسر الاستحقاق الرئاسي، لكنّ الحل الداخلي يتقدّم ضمن إطار التسوية الداخلية، التي لا بدّ أن تفيد في انتشال لبنان من الفراغ.

ما هي قراءتكم للمقاربة المسيحية لملف الرئاسة، تحديداً معركة الميثاقية التي يخوضها تحالف التيار الوطني الحر والقوات اللبنانية؟ وهل اقتنع وليد جنبلاط بمفهوم الرئيس القوي ميثاقياً؟

أولاً، نحن نرحب بأي تفاهم بين أي فريق وآخر، وبين مختلف القوى السياسية، وهذا أمر طبيعي وضروري تحت المسمى الوطني. ثانياً، يحق للعماد ميشال عون ولسواه أن يكون مرشحاً لرئاسة الجمهورية.

اما موضوع الميثاقية، فهناك اجتهادات حوله. ونحن مؤمنون بضرورة التسوية الوطنية، فلبنان لطالما كان محكوماً بالتسويات، وليس بمشروع غلبة لفريق على آخر. وانطلاقاً من هنا، نحن نؤيّد أي تسوية قد يتفاهم عليها معظم الفرقاء في لبنان. وإن كنا نذكّر بأن لدينا مرشّحنا الذي يتمتّع بالامكانات والمواصفات الوطنية المطلوبة، غير أننا لن نقف عقبة أمام أي إجماع أو توافق وطني عام، وإن كان هذا التفاهم يتمحور حول دعم وصول العماد ميشال عون. فلا مانع لدينا. فالمهم بالنسبة إلينا هو الخروج من هذا المأزق، وهذا ما عبّرنا عنه مراراً في أكثر من موقف، لكن الموضوع يبقى رهن توافق القوى الرئيسة في البلد ولن نكون عقبة امام اي تسوية جدية.

حسناً، لكن في الماضي قال النائب وليد جنبلاط ان الرئيس القوي في لبنان يعني مشروع حرب جديدة، ثم عاد مؤخراً ليقول انه لن يقف عقبة أمام انتخاب العماد ميشال عون. فما معنى هذا التبديل في الرأي؟

نعود للثوابت الأساسية. لبنان محكوم بالتسوية، وليس باستقواء فريق على آخر. والقوة الحقيقة تكمن بالتضامن والتوافق الوطني العام الذي يشكل الغطاء والدعم لأي رئيس. تحت هذا الاطار، نشدد على احترام خصوصية وتركيبة المجتمع اللبناني، ولقد أثبتت تجارب التاريخ أن استقواء فريق على آخر لن يؤدي إلا الى أزمات سياسية وأمنية وحروب سئمنا منها، ودفع اللبنانيون ثمنها غالياً. وبالنتيجة عدنا الى التسوية والحل المتوازن. وهنا نقول انه، إذا كان وصول العماد ميشال عون إلى سدّة الرئاسة من ضمن تسوية يرتضيها الجميع، فلا وليد جنبلاط ولا الحزب التقدمي الاشتراكي سيقفون في وجهها على الاطلاق.

لكن لماذا ربط استحقاق الرئاسة بسلة التفاهمات المتكاملة؟

لأن اتفاق الطائف أنتج معادلات دقيقة وأرسى توازنات مدروسة بين المكونات في هذا البلد. فلا يجوز مقاربة هذا الاستحقاق بغض النظر عن غيره من الاستحقاقات خصوصاً في ظل عمق الازمة التي نعيشها اليوم بالذات. فبالرغم من أهمية انتخاب رئيس للجمهورية، لكن تبقى هناك أمور ذات أهمية أيضاً كقانون الانتخاب او شكل الحكومة أو البيان الوزاري وغيرها من العناوين المهمة. وبالتالي من المفضّل أن يتم التوصل إلى تسوية تأخذ كل هذه المسائل بعين الاعتبار كي لا نقع بمعضلة الشروط والتعطيل مجدداً. لكن الاولوية طبعاً هي انتخاب الرئيس.

وما المانع من انتخاب رئيس ومن ثم الانتقال لبحث جميع المواضيع الأخرى؟

لا مانع لدينا كحزب في هذا الاطار، لكننا فعلياً نخشى الاصطدام بأزمة أخرى قد تكون أكثر ضرراً على البلد. فإذا توافقنا على انتخاب الرئيس اليوم، وأجرى هذا الرئيس استشارات ملزمة وسمّى رئيساً للحكومة، وبعدها عجز الفرقاء على التوافق ووقعنا في التعطيل لمدة أشهر إضافية، ماذا نفعل عندها؟ من المفضل أن نذهب الى تسوية تأخذ بعين الاعتبار جميع المسائل.

وهنا أشدد على أنه في حال اتفق الفرقاء على انتخاب رئيس اليوم قبل الغد، فلا مانع لدى وليد جنبلاط أو لدينا كحزب، فما يهمّنا بات الخروج من هذا المستنقع، وإيجاد الحلول للأزمة المالية والاقتصادية والاجتماعية وهذا يتحقق من خلال انتظام عمل المؤسسات الدستورية في لبنان، بدءاً بانتخاب الرئيس، ثم تشكيل حكومة، فقانون انتخاب، فانتخابات نيابية.

حسناً، ما هي حظوظ التسوية التي تحدثت عنها، في ظل الخلاف الجدي الطارئ حول الجلسات التشريعية وقانون الانتخاب وغيره؟

من الواضح أن التسوية ما زالت تصطدم ببعض العقبات الداخلية. وبالتالي، المطلوب جهد إستثنائي من جميع القوى للوصول لحل ما والخروج من هذا الفراغ. المطلوب من كل القوى اليوم أن تعيد تقييم الموقف المتعلق بالرئاسة، ولا بد من الخروج بحل ما من هذه الازمة.

حسناً، وماذا عن أولى جلسات المجلس النيابي، التي لم يتحدّد جدول أعمالها بعد. علام يدلّ هذا الأمر؟

هذا الواقع يدل بالفعل على عمق الأزمة التي نعيشها، ويدل على التعقيدات، وربط الأمور ببعضها البعض، ومحاولة الضغط السياسي من خلال تعطيل عمل المؤسسات للوصول الى الأهداف السياسية لبعض القوى.

لكن الاستحقاق النيابي يدق الأبواب، ولا بوادر اتفاق على قانون انتخابي. فما الحل؟

بالفعل كل هذه المعطيات تدل على عمق المأزق أيضاً.

وبغياب الاتفاق على قانون الانتخاب، نجد أنفسنا أمام معضلة إجراء الانتخابات وفق القانون الوحيد الموجود حالياً، ألا وهو قانون العام 1960، الذي سنجد أنفسنا مجبرين على اعتماده لاجراء الانتخابات. وإجراء الانتخابات يعني بديهياً تحوّل الحكومة الى حكومة تصريف أعمال، الأمر الذي يتطلّب إجراء استشارات لتكليف رئيس حكومة جديد.

فمن يجري هذه الاستشارات؟ نعود إلى جوهر الأزمة، وهو الحاجة لانتخاب رئيس للجمهورية. الانتظام الدستوري يبدأ بانتخاب رئيس الجمهورية.

وهل تعتقدون أن الانتخابات وفق قانون الستّين سوف تفرز التوازنات السياسية نفسها؟

لا ليس بالضرورة. فهناك خلط للأوراق كبير داخل كل فريق وبين الفريقيْن. وهناك جو إقليمي ضاغط لا ندري كيف ستكون انعكاساته. لكن بغض النظر عن توازنات القوى داخل المجلس النيابي، يبقى لبنان محكوماً بالتسوية وليس بمشروع الغلبة لفريق على آخر.

ما موقفكم كحزب من زعم رئيس تيار التوحيد الوزير وئام وهاب إنشاء ما أسماه سرايا التوحيد؟ وهل منطقة جبل لبنان بحاجة لمثل هذه التنظيمات لحماية أمنها؟

ان هذه الرسالة لا تربك وليد جنبلاط ولا تربكنا على الاطلاق. ولكن يحق لنا التساؤل عن الغاية والتوقيت والسؤال الأبرز الذي نطرحه هو سرايا على مين؟ ولشو؟

إذا كان القصد من إنشاء مثل هذه السرايا دعم المقاومة، فبالأمس أعلن السيد حسن نصرالله أن المقاومة قادرة على أن يكون لها عين على المنطقة وعين على البقاع اللبناني في مواجهة الارهاب وعين على العدو الاسرائيلي. فبالتالي المقاومة ليست عاجزة، ولا هي بحاجة لدعم أو سند أو مدد من أي تشكيل عسكري آخر.

وإذا كان المقصود مؤازرة الجيش والقوى الامنية اللبناني، فلا أعتقد أنهم أيضاً بحاجة لمؤازرة من أحد، بقدر ما هم بحاجة لاحتضان سياسي وشعبي واحد، وبحاجة لانتظام المؤسسات التي تؤمن لهم الغطاء السياسي والمالي.

ولفت كلام السيد حسن نصرالله في اكثر من موقف خصوصاً بعد استهداف الضاحية الجنوبية سابقاً وإشادته بدور وقدرات الأجهزة الأمنية وكلامه الأخير أيضاً وإشادته بالجيش والقوى الأمنية واعتباره ايضاً أن أمن لبنان خط أحمر، فإذاً ما هو الداعي لمثل هكذا تشكيلات أو مسميات ؟!

هل أبناء الموحدين الدروز بحاجة لسرايا عسكرية تدافع عنهم اليوم؟ وممّن؟

لا يوجد أي تهديد للموحدين الدروز اليوم. ومن يحمي الجميع هي الدولة والشرعية وصوابية الموقف السياسي وهذا ما يقوم به وليد جنبلاط عندما يحمي هذه الشريحة الوطنية والعربية بموقفه السياسي الحكيم، برؤيته وبعد نظرته، وبخطواته المدروسة. هذه أفضل حماية، أما إذا احتجنا للحماية الأمنية، فكلنا تحت سقف الدولة اللبنانية، وهي ملاذنا جميعاً.

هل مازال أمن وليد جنبلاط بخطر اليوم؟

استهداف وليد جنبلاط هو استهداف للبنان بوحدته وأمنه واستقراره. فمن قام بترميم كنيسة المختارة وبإنشاء جامع الأمير شكيب أرسلان بالأمس القريب أرسل إشارات للوصل في لبنان وضرورة الحفاظ على هذا التنوع الوطني العريض.

ويبدو ان ليس هذا ما هو مطلوب في هذه المرحلة. وبالتالي، فإن من يسعى للوصل في لبنان وللوحدة الوطنية يقع ضمن دائرة الاستهداف.

لكن هذا التهديد لا يربك وليد جنبلاط، ولا الحزب، ولا جمهور وليد جنبلاط، بل يزيدهم اصراراً وتمسكاً به وبثوابته وخياراته، ولن يثنينا عن الاستمرار بسياسة الوصل وتوفير جميع الظروف لتمتين أواصر الوحدة الوطنية، والحفاظ على وطننا لبنان.