الاستحقاق الرئاسي: بين ارتباك المستقبل ومناورات حزب الله!

ناجي مصطفى (الأنباء)

في لبنان ضباب كثيف يلف الحركة  المتصلة بالاستحقاق الرئاسي، لا يوازيه الا الضباب المحيط بموقف تيار المستقبل وكتلته النيابية، لا بل المتمدد الى داخل اروقته. الناظر الى واقع تيار المستقبل يلحظ من غير كبير عناء وجود اتجاهين وازنين يتنازعان الموقف داخله من ازمة الرئاسة الاولى:

الاتجاه الاول، ينزع نحو القبول بتبني ترشيح رئيس تكتل  التغيير والإصلاح الجنرال ميشال عون الى رئاسة الجمهورية، وهو اتجاه يعمل على تسويقه رئيس التيار الشيخ سعد الحريري انطلاقا من حسابات سياسية مرتبطة بوعود بترئيسه اول حكومة للعهد الجديد لا بل كل حكومات السنوات الست لولاية العماد عون الرئاسية، وذلك في اطار تفاهمات نسجها بعيدا عن الاضواء السيد نادر الحريري ورئيس التيار  الوطني الحر الوزير جبران باسيل في العاصمة الفرنسية قبل نحو شهر من اليوم.

الاتجاه الثاني، وهو الرافض للذهاب نحو تبني ترشيح العماد عون لما يراه من تأثير وانعكاس سلبي صادم على جمهور عريض من تيار المستقبل، وهذا الاتجاه تكمن أهميته في انه ينسجم مع نبض الشارع المستقبلي المعارض اساساً لوصول حليف حزب الله العماد عون الى سدة الرئاسة ناهيك عن انه يضم صقور التيار الازرق الذي قيل ان الرئيس فؤاد السنيورة والنائب احمد فتفت هما في طليعة هؤلاء.

 الى هذين الاتجاهين برز موقف ثالث على يسار التيار، ولعله الموقف الاكثر إيلاماً للرئيس الحريري، كونه يغرف من معين جمهوره لا سيما الشمالي منه، وذلك بعد خروج وزير العدل اللواء اشرف ريفي من تحت عباءة التيار، وهو خروج جرى التعبير عنه بحدة في الانتخابات البلدية الاخيرة في مدينة طرابلس.

كثر يراهنون على قدرة سعد الحريري على لملمة شتات المواقف المتعارضة داخل التيار وضبطه في اطار رؤية واحدة تدفع باتجاه تزكية خيار تبني ترشيح الجنرال عون وذلك ضمن اطار سلة تفاهمات بينية للمرحلة المقبلة، غير انه بالمقابل ثمة من يرى ان حجم الخلافات بين الفريقين والتي وصلت الى اتهام الفريق الازرق بملفات فساد مالي على نحو ما ورد في كتاب الابراء المستحيل الذي اعده التيار البرتقالي ليكون بمثابة مضبطة اتهام وادانة، كل هذا يجعل من الصعوبة بمكان امام فريق واسع من تيار المستقبل وجمهوره هضم وابتلاع تلك المواقف البالغة السلبية تجاههم، لا سيما اذا ما اضيف اليها اسهام وزراء التيار العوني مع زملائهم من فريق الثامن من اذار في اسقاط حكومة الحريري لحظة دخوله للقاء الرئيس الاميركي باراك اوباما في البيت الابيض عام 2010.

وبعيداً عن تأثيرات الاستحقاق الرئاسي على تيار المستقبل وجمهوره، ثمة من يرى ان الايجابية الوحيدة لقبول الحريري بترشيح عون هو في انه نقل النقاش حول الاستحقاق الرئاسي من داخل التيار الى موقع اخر مختلف، لا بل انه اسهم في تظهير الموقف الحقيقي لحزب الله من هذا الاستحقاق والذي كان يتطلى خلف ترشيحه للجنرال عون كمرشح وحيد للرئاسة مراهنا على ان رفض القبول بمرشحه سيكون من حزب القوات اولا ومن حزب المستقبل ثانيا مما ينفي عنه اي شبهة لتعطيل الانتخابات.

عون وجعجع1

أما وقد وافق الدكتور جعجع على ترشيح الجنرال بعد ورقة اعلان النوايا بينهما اضافة الى ما اوحته حركة الرئيس الحريري مؤخرا من امكان سير المستقبل بهذا الاتجاه، كل ذلك اسهم في وضع حزب الله في الزاوية وضيق عليه هوامش المناورة حيث فقد كل الذرائع التي كان يعتمدها للصق تهمة التعطيل بغيره.

  ولعله من نافل القول ان المرشح الحقيقي لحزب الله هو الفراغ في سدة الرئاسة، ذلك ان اي رئيس حتى ولو كان من لدن قوى الثامن من اذار سيكون محرجاً ازاء استمرار الحزب في انخراطه في الحرب السورية وفي نقل سلاحه وعتاده ومقاتليه من والى داخل سوريا، أقله ازاء المجتمع الدولي لا سيما وان حدود لبنان الشرقية شأنها شأن الحدود مع فلسطين المحتلة مشمولة بالقرار رقم 1701 الصادر عن مجلس الأمن الذي صدر غداة العدوان الصهيوني في العام 2006 .

هل سيمضي الحريري في محاولته تسويق ترشيح عون لدى قواعد تياره؟ سؤال يكتسب وجاهته في ظل الغموض البناء الذي يحيط بالموقف السعودي سواء ازاء الاستحقاق الرئاسي ام ازاء موقع الحريري في اللعبة المحلية واستمراره في احتكار تمثيل توجهات المملكة في لبنان، خصوصا مع بروز اشارات كثيرة عن اهتزاز موقع الحريري لدى دوائر القرار السعودي، ولعل تمادي ازمة شركة سعودي اوجيه دون حل يعطي دليلا على هذا المنحى المتأزم.

   انها مرحلة الحسابات الدقيقة، مرحلة التريث والانتظار القاتل على غير صعيد محلي واقليمي ودولي علها تنجلي صورة الحروب المتنقلة من سوريا الى العراق فتتظهر اكثر صورة ما سيكون عليه الوضع المحلي والذي يأتي الاستحقاق الرئاسي على اهميته، مع الأسف، كتفصيل صغير من تفاصيله.

اقرأ أيضاً بقلم ناجي مصطفى (الأنباء)

اعتماد النسبية… مدخل الى الاخلال بالتوازنات الداخلية في لحظة احتدام طائفي على مستوى الاقليم

بين موسكو وطهران: اختلاف استراتيجيات في سوريا… أم أكثر؟!

غياب المشروع العربي فتح قابليات القوى الاقليمية للتوسع والسيطرة

لماذا شيطنة قانون الستين وتقديس النسبية؟

سقوط تدمر بيد “داعش” يكشف زيف ادعاء نظام الاسد بقتال الارهاب!

حرب الفيتوات المتقابلة تهدر فرص تأليف الحكومة وتعوق انطلاقة العهد!

وليد جنبلاط المسكون بهاجس التاريخ… قلق من لعبة الأمم!

بعد الانتخاب والتكليف ومساعي التأليف: حكومة الفرصة الأخيرة ما قبل الانهيار والفشل!

سيناريو إفتراضي لما بعد إنتخاب عون!

بعد تجاوز قطوع ترشيح عون… ماذا عن التكليف والتأليف؟!

الاستحقاق الرئاسي: بين سلة بري واستعجال عون!

عام على التدخل الروسي في سوريا: اي حصيلة واي نتائج؟

سوريا: قوى تتقدم وأخرى تنكفىء وأشلاء وطن تنزف دما وهجرة!

وليد جنبلاط داعية الوحدة في زمن الانقسام الطائفي والمذهبي

بعد ثورات الربيع… أليس لهذا الليل العربي من أخر؟!

عن الميثاقية المظلومة… ما لها وما عليها!

مستقبل سوريا: اخر محاولات للتسوية والا التقسيم

في ذكرى مصالحة الجبل: تأكيد الاصرار على العيش الواحد

لبنان في ثلاجة الانتظار… الى متى؟

زيارة وليد جنبلاط الى الصرح البطريركي… اي ابعاد؟