القطبة المخفية لحل الأزمة… “المثالثة”

وسام القاضي

رفع الستار عن المسرح الرئاسي ليظهر بوضوح أن المشكلة لا تكمن بإسم الرئيس بل بالإتفاق المسبق حول خطة الطريق الرئاسية، إذ أنه وبعد الإستدارة الطوعية للرئيس سعد الحريري نحو الرابية لم يخرج الدخان الأبيض بإختيار العماد عون كمرشح للرئاسة، ولم يتم تقريب موعد الجلسة الإنتخابية لمجلس النواب لأن المشكلة لا تكمن في التوافق على إسم الرئيس بل على التوافق حول مستقبل البلاد وطريقة الحكم.

وتظهر الإشارة بوضوح إلى صلب المشكلة من خلال ما يواظب على التصريح به الأمير طلال إرسلان حول ضرورة عقد المؤتمر التأسيسي، هذا المؤتمر الذي لن يقدم اويؤخر لطائفة الموحدين الدروز بل سيغير مجرى الحكم من خلال إعطاء دور للطائفة الشيعية، فكلام إرسلان غير موجه لتحقيق مطالب درزية التي هي أقل بكثير من قيمة دورهم بلبنان عبر التاريخ، لكنها مرتبطة بعديدهم، فإبعاد الدروز عن ما يسمى بالوزارات السيادية لن يتعوض من خلال المؤتمر التأسيسي، ولن تزداد نسبة تمثيلهم في الوزارات أو المجالس النيابية، حتى رئاسة مجلس الشيوخ المقترح أصبح مجال نزاع بين الدروز والروم الاورثوذكس، ولو كان الهدف المصالح الدرزية لكان طالب بإعطاء حقوقهم وفق النظام الحالي دون المطالبة بمؤتمر تأسيسي لنظام جديد. وبالتالي فإن التصريحات الإرسلانية هي لإيصال رسالة من حزب الله بطريقة غير مباشرة نحو من يعنيهم الأمر.

لن يقبل حزب الله بإحياء ميثاق عام 1943 ما بين السنة والموارنة، فإذا كان الموارنة قد إختصروا التمثيل المسيحي في هذا الميثاق فإن السنة لم يعودوا قادرين على تمثيل الشيعة فيه، وبالتالي ما حدث بعد عام 1982 لم يعد كما قبله، اي في العام الذي تأسس فيه حزب الله على الساحة اللبنانية.

إن مشكلة سلاح حزب الله لا يتعلق فقط بمواجهة إسرائيل بل لحماية الشيعة أيضا من إعادتهم إلى الوراء إلى ما كانوا عليه قبل العام 1982، وبالتالي إذا كانت المثالثة مستبعدة في الوقت الراهن نتيجة وجود صعوبات في عقد المؤتمر التأسيسي، فإن حق الفيتو والثلث الضامن أو المعطل لن يتنازل حزب الله عنه حاليا، مع الإبقاء على أمل عقد المؤتمر التاسيسي عندما تسنح الفرصة المؤاتية في أقرب وقت.

وبما أن لبنان هو مرآة لما يجري حوله إقليميا ودوليا، فإن الصراع ما بين السعودية وإيران، أي ما بين السنة والشيعة، يرخي بظلاله على أي توافق محتمل في لبنان، والإتفاق المسبق هو لضمان عدم حدوث مفاجآت مع أي تغيرات قد تطال المنطقة.

حزب-الله-4

إن حزب الله الممسك لأهم مفاصل الدولة اللبنانية في الوقت الحالي لن يتنازل عما وصل إليه تحت أي ظرف، وكونه الأقوى على الساحة فإن الدولة اللبنانية تحت قبضته، ومهما كان حلم البعض بقيام دولة قوية فهي لن تكون على حساب دور وحجم حزب الله. ولهذا فإن إسم الرئيس لم يكن الهاجس الوحيد وتاريخ العماد عون لا يطمئن ولا يشجع على الوثوق به بكافة خياراته، فهو الذي كان يريد قطع رأس حافظ الأسد عاد وتحالف مع إبنه بشار ونظامه، وهو الذي هاجم مرارا وتكرارا تيار المستقبل ووضع كتاب الإبراء المستحيل يمهد الآن للدخول بتحالف معه وتقاسم الحكم بينه وبين الحريري، وبالتالي يصبح الإبراء حاصلا لا مستحيلا.

لذلك وبطبيعة الحال فإن لبنان سيدخل منعطف جديد، ومهما تعالت الإعتراضات فإنها لا تستطيع تخطي الواقع والمتغيرات على الأرض، فحق الفيتو والثلث الضامن هما المدخل الإجباري نحو تحقيق المثالثة، وإذا كان متعذرا تحقيق المثالثة بإقرار خطي دستوري حاليا، إلا أنها ستكون شفهيا معلنة وبشكل صريح وواضح. أما إلغاء الطائفية السياسية وشعارات المجتمع المدني فستبقى كإضافات تجميلية أمام الرأي العام لتلميع صورة لوحة الفسيفساء اللبنانية التي نتغنى بها لكنها تهتز كل فترة زمنية، وهذا هو لبنان.

 (*) رئيس جمعية كمال جنبلاط الفكرية

اقرأ أيضاً بقلم وسام القاضي

كتاب مفتوح إلى السيد حسن نصرالله

ويبقى المقدم شريفاً في ذكراه السنوية

المرحلة الجديدة تتطلب تغييراً جذرياً بأسلوب العمل

عندما يرتقي التقدميون الإشتراكيون الى مستوى المرحلة

ما بين التوريث السياسي والوراثة الإقطاعية

زهرة على ضريح المعلم

قوة لبنان في حياده!

تقاطع المصالح والحسابات الخاصة

عودة الثنائيات وشد العصب!

الرقص على حافة الهاوية 

يوم الوفاء

وطن على شفير الهاوية

الجمعية العامة للحزب في ظل ما يحيط بالمنطقة من أجواء ملتهبة

الدور الوطني للحزب التقدمي الإشتراكي

التمثيل الصحيح بالعدل في حقوق المواطنين

النسبية قناع للنفوذ المذهبي المتشدد

تقسيم السلطة أخطر من تقسيم الوطن

أزمة النظام اللبناني بعد رفض المثالثة!

الإستقلال المكبَل بالإرتهان!

ذكرى ثورة فكرية في عصر التخلف والإنحدار