رحلة الشباب اللبناني العظيم!

مروى أبي فراج

أنباء الشباب

يواجه الشباب اللبناني مشاكل تثقل كاهله، فتقف عائقاً أمام مستقبله وتحرمه من التفكير بالغد، فيصطدم حلمنا بالواقع المرير الذي نعيشه.منذ الولادة يعلموننا ويلقنوننا أفكاراً موروثة لا مكتسبة، يختارون لنا إسمنا وهويتنا من ثم ألعابنا وأدوارنا وأصدقائنا، نكبر قليلاً فندخل إلى مدرسة ليست من إختيارنا أيضاً، نلقن دروساً ليست واقعية ذات منهج قديم… في هذه المرحلة بالذات نبدأ بإكتشاف معنى الفروقات الإجتماعية؛ طالب حذاؤه قديم وآخر حذاءه جديد، طالبة تملك “خرجية” لكي تشتري خلال الفرصة وأخرى كل ما تملكه “سندويشة” من منزلها.

نصل إلى آخر سنة ثانوي، فيزداد الضغط علينا لكي نحصل على تقدير في العلامات الرسمية رغم أنني لم أستفد منها حتى الآن، دون أن أنسى كذبة التوجيه الجامعي عندما تأتي الجامعات خلال الحصص الدراسية لكي تعرفنا على الإختصاصات الموجودة فيها فيكون هدفها التسويق لنفسها، لا توجيه الطالب إلى ما يحتاجه سوق العمل.

هنا تبدأ رحلة البحث عن جامعة “رخيصة وكويسة”، فالطموح كبير والقدرة صغيرة… العين بصيرة واليد قصيرة، فليأت معظم الشباب اللبناني إلى الجامعة اللبنانية التي هي من المفروض أن تكون جامعة وطنية، خصوصاً أننا لطالما كنا نسمع بأن شهادتها هي الموثوق بها عالمياً، رغم أن اغلبية خريجيها عاطلين عن العمل …

IMG-20161008-WA0000

إما أن ندخل كلية الهندسة فيعيش الطالب/ة حرباً نفسية ويخلق علاقة عدائية بينه وبين دكتوره صاحب المزاج المتقلب والذوق الرفيع، برفع صوته عندما يأتي الموضوع للتفسير والشرح.

إما أن ندخل كلية الحقوق أو العلوم الإدارية أو السياسية، فيواجه الطالب الامرين من السهر والدرس الكثير بكثرة أوراق كل كتاب، ليتفاجىء بإمتحان من المريخ بحسب وصف التلامذة.

إما أن ندخل كلية العلوم وهنا نكون قد كللنا وصفنا للجامعة اللبنانية الذي أقل ما يقال فيه بالوضع المأساوي…أن تكون طالب سنة أولى علوم، أي أنك تدخل أحد أكبر فروع الجامعة فترى في داخل حرمها صور شهداء وأعلام لحزبين مسيطرين على المنطقة، بالإضافة إلى وجود الدراجات النارية على أنواعها وكأن الادارة تريد أيضاً توسيع آفاق ثقافة الطالب من خلال التعرف على كافة أنواع الدراجات النارية وأشكالها وأصواتها وكيفية قيادتها… فضلاً عن ذلك كمية المواد التي تعطى دون فائدة، “حشو” بمعنى آخر، أما عدد الطلاب فهو “على قفا مين يشيل” ووضع الأساتدة فحدث بلا حرج.

IMG-20161008-WA0001
كل هذا ولم آت على ذكر شيء مشترك بين جميع الكليات وهو “تشغيل الواسطة” فهذه أيضاً جزء من المنهج التعليمي لتوسيع آفاق الإبداع التفكيري للطالب – حتى بتعيين عميد الكلية عند إنتهاء كل ولاية، هذا ما تعثر التوافق عليه وحصل فراغ ما ومشاذات سياسية وطائفية.وبعد إنتهاء عامه الأول يستنتج الطالب/ة أن اختياره/ا ربما كان خاطئاً طبقاً للمعايير المعيشية والإقتصادية والتوجيهية، وليس طبقاً لقناعاته ورغباته/ا وطموحاته/ا، وعملا بالمثل بالموجود جود… يدخل الطالب/ة إلى جامعة خاصة فتودعنا سنة من عمرنا وكأنها أيضاً مذكورة بالمنهج؛ أهمية المكافحة والمثابرة وعدم التوقق على عوائق قد أدت إلى خسارة سنة من حياتنا وخسارة الأمل والحماس وما قد دفعناه سابقا من مال وأحلام.

وعند الدخول إلى الجامعة الخاصة أو حتى ما قبل الدخول إليها، يستقبلوننا بدفع تعرفة تقديم طلب الدخول وهنا يتراوح سعر هذة الورقة بين جامعة “كلاس” وأخرى، والتي هي أشبه بتأشيرة مرور إلى الإمتحانات التي بالغالب ما تكون رمزية وهمية ذات أسئلة بسيطة تكفل قبول كل الطلبات المقدمة… ونكون بذلك قد طبقنا المثل القائل “أول دخولو شمعة  طولو”!

عند قبولنا نطير من الفرح باعتبارنا أننا حققنا إنجازاً بعد الصدمات السابقة، أما أهلنا، يطير جنى العمر من جيوبهم باعتبار أننا سوف نحقق إنجازاً فعلياً يخولنا الدخول إلى سوق العمل المكتظ.

unv.
ومن أهم المشاكل التي نواجهها هو غلاء الأقساط الجامعية التي  هي في تصاعد دائم، فهو الوحيد الذي يعبر عن الديمقراطية والتقدم والتطور والازدياد، أما الأشياء الأكاديمية تبقى على حالها. عند إنتهاء سنين دراستك إما المددة إذا كنت من أصحاب الدخل المحدود حيث ينتهي صبرك وتنتهي روحك مع إنتهاء آخر مادة من المواد المطلوية، وإما بشكل طبيعي كما المخطط له من قبل إدارات الجامعات الخاصة “الكلاس”… بآخر مسيرتنا بالجامعة الخاصة، نذهب إلى حفل التخرج، ذاك الحلم العظيم المنتظر منذ سنين، فإما أن يكون تخرجك حزيناً مترافقاً بغصة وألم بسبب غياب أهلك وغياب الفرح بأعينهم لأن انتهت حياتهم كانت أسبق من انتهاء دراستك، وإما أن تكون من اصحاب رابحي اللوتو و”حظك بالسما”.كل ما ذكرته سابقاً ليس كافيا لوصف رحلتنا كشباب وشابات في لبنان، عدا عن تكبد مصاريف وأتعاب المواصلات والطرقات والمناطق التي نمر بها للوصول إلى جامعاتنا “الكلاس”…..

وبالأخير ماذا؟؟! إما ان تقبل بعمل ذات دخل محدود وإما ان تقبل بتقوية الروابط العائلية أي أن تكون عاطل عن العمل وهذا هو “الدارج”!

بالنهاية، بإسمي وبإسم شباب وشابات لبنان لا يسعنا الا الرضى والتسليم وبذلك تكون نهاية العلم والتعليم.

اقرأ أيضاً بقلم مروى أبي فراج

شباب اليوم… قادة؟!! 

هي وهو شباب الغد!