هكذا انهارت هدنة سوريا

جليل الهاشم

لم يكن مفهوماً التصعيد الكلامي الحاد بين أميركا وروسيا خلال الأيام الأخيرة. فجأة يهدد الروس بزلزال في الشرق الأوسط في حال هاجمت القوات الأميركية مواقع النظام السوري وجاء هذا التهديد قبل أن يتحدث أي مسؤول أميركي عن احتمال كهذا، وبالعكس كان الأميركيون يحملون الروس مسؤولية الأطاحة بالاتفاق الذي تم التوصل اليه في نهاية آب ومطلع شهر أيلول بشأن الهدنة في سوريا، ومحورها فك الحصار عن حلب وإدخال المواد الغذائية والطبية اليها كمدخل للعودة إلى المفاوضات السياسية ومعروف أن تلك الهدنة لم تصمد ولم تنفّذ أصلاً وقد ساهم في نسفها من أساسها الهجوم الذي تعرضت له قافلة الأمم المتحدة للمساعدات التي كانت تتأهب لدخول الأحياء المحاصرة في المدينة ما أدى إلى تدميرها ومقتل وجرح العديد من عمال الإغاثة الذي كانوا يرافقونها.

اذاء هذا الحدث سارعت موسكو الى اتهام من اسمهتم المنظمات الإرهابية بالهجوم على القافلة واحراقها وفي وقت لاحق أو عزت بتسريب اشاعات عن قيام المخابرات الأميريكة بضربها. لكن الأمم المتحدة أكدت أن القافلة تعرضت إلى قصف جوي وفتحت تحقيقاً في الموضوع ما يعني توجيه الاتهام إلى قوى تمتلك سلاحاً جوياً وهي في هذه الحالة إما تكون روسية أو سورية . وسيقود ذلك في حال إتمام التحقيق إلى تحميل الطرفين مسؤولية نسف الهدنة قبل أن تبدأ.

سكان يتفقدون الدمار الناجم عن غارة جوية في حي خاضع لسيطرة المعارضة في حلب بسوريا يوم 2 يونيو حزيران 2016. تصوير عبد الرحمن اسماعيل - رويترز

وقد سارع الروس للموازنة بين هذا الحادث الفظيع وبين قصف الطيران الأميركي لموقعل السوري في دير الزور في سياق تحميل أميركا مسؤولية فشل الاتفاق إلا أن الفارق هنا هو أن أميركا كانت لديها الجرأة للاعتراف بالخطأ والاعلان صراحة أن طياريها ارتكبوا غلطة وسوء تقدير في قصفهم لذلك الموقع وهو ما لم تفعله روسيا في أي مرة، وكتأكيد على عزمها خوض الحرب ضد الإرهاب الذي تتدعيه روسيا أعلنت أميركا بعد أيام عن تصفية أحد قادة القاعدة الأساسيين في غارة جوية بمنطقة أدلب.

حصل ذلك فيما كانت الهدنة تنهار و هجوم الجيش الروسي على حلب في أوجه ما أكد للعالم أن المسألة ليست تخلياً أو اخلالا بالاتفاق من الجانب الأميركي بل هي قرار روسي  إيراني بالحسم العسكري في حلب كما في ضواحي دمشق. وفي المنطقتين لم يتوقف القتال لحظة رغم صرخات الحكومات ومنظمات الإغاثة الدولية ورغم أنين الأطفال وعويل  النساء في حلب والريف الدمشقي.

الحديث الروسي عن حرب ستخوضها أميركا يبدو في هذه الحالة حديثاً موجهاً إلى الداخل الروسي أكثر مما هو موجه لطرف آخر أو للتعبير عن الحقيقة  فالقيادة الروسية بحاجة أن تقول لشعبها دائماً أن الامبريالية الأميركية تستعد لضربنا.