يا لها من كذبة تاريخية!
رامي الريس
4 أكتوبر 2016
يوماً بعد يوم، تتكشف معاني تلك الكذبة التاريخية المسماة “المجتمع الدولي” أو “العدالة الدولية”، فمن المؤكد أن حسابات ومصالح الدول لا تُقاس بموازين القانون أو الأصول الدستورية لا بل هي على إستعداد لتحطيمها، إذا لزم الأمر، وهذه أمثلة سريعة:
أ – أن يدك الطيران الروسي بلا هوادة مدينة حلب السورية لأيام وأسابيع متواصلة مستهدفاً المستشفيات والتجمعات ويقف “المجتمع الدولي” متفرجاً، فهذا يطرح جملة من التساؤلات وعلامات الإستفهام!
ب – أن يجتمع قادة العالم لوداع الرئيس الإسرائيلي شيمون بيريز المسؤول عن إرتكاب المجازر بحق الأطفال والأبرياء في فلسطين وقانا، (ومن بينهم رئيس السلطة الوطنية الفلسطينية للأسف)، فهذا مثير للإستغراب، لا بل حتى الإشمئزاز!
ج – أن يقر الكونغرس الأميركي قانون “جاستا” لإدانة السعودية وملاحقتها على جرم لم يثبت تقارير التحقيقات الأميركية ذاتها أن لها أي تورط مباشر أو غير مباشر في أحداث الحادي عشر من أيلول 2001، فيما يغض الطرف عن الإرتكابات الموصوفة في إطار “إرهاب الدولة” التي ترتكبها إسرائيل يومياً بحق الفلسطينيين (وإرتكبها على مدى عقود خلت)؛ لا بل يقدم لها الدعم بمليارات الدولارات للحفاظ على تفوقها العسكري وتالياً الإرهابي؛ فإنه بذلك ينسف كل مفاهيم “العدالة الدولية”.
د- أن يرفع الغرب وأوروبا شعار الديمقراطية وحقوق الإنسان حيث سيتوافق مع مصالحه ويصرف النظر عن المبدأ حيث لا يتوافق مع مصالحه، لا بل يتحالف مع أعتى الأنظمة الديكتاتورية والقمعية، فهو أمر يعيد النقاش حول “العدالة الدولية” إلى نقطة الصفر.
هـ – أن يتغاضى “المجتمع الدولي” عن أكبر موجة هجرة بشرية في التاريخ المعاصر وأن يقف متفرجاً على الموتى في القوارب المطاطية دون أن يتحمل مسؤوليته أو يدعم الدول التي تتحمل عبء النزوح فهو أمر يثير السخط والغضب!
و – أن لا يحرك “المجتمع الدولي” ساكناً على تهجير المسيحيين والأيزيديين من العراق وسوريا أو على قتل المسلمين في أفريقيا الوسطى وميانمار وبورما، ويحصر تضامنه السياسي والمعنوي و”الأخلاقي” مع أحداث باريس أو إقتحام مقر جريدة “شارلي إيبدو” (على فظاعة كل تلك الأعمال المشينة)، فإنه يعني أن ثمة أناس حياتهم رخيصة وغير ذات قيمة، فيما البعض من الآخرين خسارتهم فادحة على مستوى الإنسانية جمعاء!
وتطول لائحة الأمثلة والشواهد من التاريخ المعاصر والتاريخ القديم، حيث تثبت الأدلة والبراهين أن لعبة الأمم تبقى فوق كل إعتبار مهما كانت الأثمان.
تحية إلى الإنسان المهمش، المقهور، المتروك لقدره في كل أصقاع الأرض!
———————————
(*) رئيس تحرير جريدة “الأنباء” الالكترونيّة
Facebook: Rami Rayess II
Twitter: @RamiRayess