دوري شمعون.. حالة خاصة

د. ناصر زيدان (الأنباء الكويتية)

النائب دوري شمعون ابن الرئيس الاسبق للجمهورية كميل شمعون؛ حالة خاصة في الحياة السياسية اللبنانية، ورغم تقدمه في السن حيث يقارب عمره ال85 عام؛ مازال يبدو بروحية شبابية اقل بكثير من مستوى عمره. ورغم التحولات الكبيرة التي حملتها السنيين؛ ما زال يواجه الملفات السياسية بذات الاسلوب المباشر والذي تغلُب عليه روح الفكاهة، او “النكته”.

ضجَّت مواقع التواصل الاجتماعي، كما وسائل الاعلام المختلفة بكلامه خلال المؤتمر الصحافي الذي عقده في مجلس النواب، في اعقاب انفراط عقد الجلسة 45 التي كانت مُخصصة لإنتخاب رئيس للجمهورية بسبب عدم إكتمال نصابها. فقال شمعون: ان على الذي يرشح نفسه لموقع رئاسة الجمهورية؛ ان يتقدَّم بشهادة صحية تُثبِت انه قادر على ممارسة المهام الرئاسية، والتي تقتضي العمل 10 ساعات في اليوم على الأقل، غامزاً من قناة العماد ميشال عون الذي بلغ 81 من عمره، وهو المُرشح الابرز للرئاسة.

وقال شمعون ان والده الذي تولَّى الرئاسة في خمسينات القرن الماضي؛ كان يعمل بين 15 و16 ساعة يومياً، كي يُلبي متطلبات المهام الرئاسية، فهل يستطيع بعض الطامحين اليوم الى تولِّي الموقع القيام بهذه المُهمة؟

يتميز النائب دوري شمعون بصراحته الواضحة في التعبير عن ارائه، ولكن بإسلوب فيه شيء من الفكاهة التي تغرُفُ من قاموس مفردات التقاليد اللبنانية الغنية بألامثال والحِكم، وبعبارات التهكُّم والتشبيه.

يمكن اختصار بعض مواقف شمعون التهكمية، والتي قِيلت في مناسباتٍ متعدِدة، وهي تُشبه موقفه الذي ادلى به في مجلس النواب الاربعاء الماضي.

فتعليقاً على المصالحة التي جرت بين العماد عون ورئيس حزب القوات اللبنانية الدكتور سمير جعجع في معراب مطلع العام 2016، وادت الى تبنِّي الاخير ترشيح عون، قال شمعون: يبدو ان جعجع سمع كلام ( المُنجِّم ) ميشال حايك الذي تنبأ بإنتخاب رئيس لا يكمِل ولايته، ثم قال: ” لن أنتخب ميشال عون ولو المزولي اياه ” في إشارة الى جواهر الالماس الباهرة.

وفي 9/7/2016، وإبان الحديث عن العودة للإتفاق على عون مرشح وحيد للرئاسة، قال شمعون: “مَن جرَّب المجرَّب..كان عقلة مخرَّب” وقد أُعيد إستخدام هذه العبارة بكثافة بعد سماع تغريدة المرشح النائب سليمان فرنجية، والذي قال فيها: اخشى ان يحصد مرشِحوا العماد عون اليوم، ما حصده الرئيس امين الجميل عام 1988 عندما كلفه بتشكيل حكومة عسكرية، إنسحب منها الوزراء المسلمون على الفور.

ولشمعون كلام شهير في الحقبة الماضية، لا مجال لإيرادها بالكامل، فهو ربما الوحيد الذي كان ينعت الوصاية السورية على لبنان قبل 25/4/2005 بالعبارات القاسية، ولم يتجنَّب إدانة النافذين، او القيمين على القوات العسكرية السورية بأشدّ العبارات وبألاسماء.

ولعلَّى ابرز ما قاله شمعون، وما زال حاضراً بألأذهان: لا يستطيع احد ان يأخذ منا لبنان ولو على” راسو ريشي “. وفي 14شباط/فبراير 2015 قال: ان اهم إرث تركه الرئيس الشهيد رفيق الحريري هو لبننة السُنه، فغدى شعارهم الاساسي: لبنان اولاً.

اما فيما يتعلَّق بإنتقادات شمعون لسياسة حزب الله وتدخُله العسكري في سوريا، فقد كانت لاذعة اكثر من غيرها، ووصلت الى حد اعتبار الفتنة ” السنية – الشيعية ” بدأت في اقتحام حزب الله لمدينة القصير السورية، ذلك ما قاله شمعون حرفياً في 24/5/2013. كان سبق ذلك دعوته الصريحة لرجال الدين المسيحيين الى عدم التعاطي في القضايا السياسية، وتركيز اهتماماتهم في الشؤون الدينية بتصريح له في 29/1/2014.

 بصرف النظر عن الاتفاق مع شمعون على توصيفاته او الإختلاف معه، لكن المؤكَّد ان قساوة الآلام اللبنانية تُخرج الإنسان عن موضوعيته احياناً؛ فشرُّ البلِّية ما يُضحك.

اقرأ أيضاً بقلم د. ناصر زيدان (الأنباء الكويتية)

التوازن السياسي في لبنان

قراءة مختلفة لأحداث الأسبوع اللبناني الطويل

انفلات التخاطب السياسي في لبنان: أسبابه ونتائجه

هل هناك ما هو أبعد من تمثيل نواب «سنة 8 آذار» في الحكومة؟

الرأي العام اللبناني لا يريد التصعيد السياسي

هل انقلبت صفحة التفاؤل.. أم أن التعقيدات غيمة خريف وستنجلي؟

استحقاقات لبنانية داهمة

عن نظرية عدم حصرية تمثيل الطوائف في الحكومة

عن خطورة وخلفيات ما حصل في المطار

لقاء بكركي الذي حرّك السواكن الحكومية

ماذا تقول أوساط معارضة عن الأحجام السياسية؟

مصالح لبنان في سورية ومصالح سورية في لبنان

مواقف في خطاب عيد الجيش

ما مبررات مواقف «الاشتراكي» و«القوات» من تشكيل الحكومة؟

عن الانعكاسات الخطيرة لتوقف القروض السكنية

عن إشكالية حصة الرئيس الوزارية

عوامل التفاؤل والتشاؤم

مرحلة ما بعد الانتخابات والأحلاف السياسية

عن الآثار السياسية لاستبعاد النائب أنطوان سعد

لبنان: الحسابات السياسية تختلف عن الحسابات المالية