“يسرائيل هَيوم”: الأردن في مواجهة خطر وجودي

•يدل اغتيال ناهض حتر، الكاتب المسيحي الأردني [بسبب كاريكاتور نشره على صفحته في الفايسبوك] على ما يعتمل في قلوب الجمهور الأردني. يأتي ذلك على الرغم من كل ما يبذله الحكم المركزي في الأردن من أجل قمع حركة الإخوان المسلمين. فهو يقوم بتنظيم الانتخابات وتقسيم المناطق الانتخابية كي ينال الإخوان الحد الأدنى من التمثيل (فقد حصلوا هذا الأسبوع في الانتخابات البرلمانية على 16 مقعداً من مجموع 130 مقعدا). لكن عندما ستكون الانتخابات مفتوحة تماماً، فعلى الأرجح ستكون النتائج مختلفة.

•إن عداء الإخوان للنظام الهاشمي ليس وليد الأمس، فالأردن دولة ملكية ولدت نتيجة اتفاق سان ريمو المنعقد سنة 1920 الذي اعطى الحكم إلى عبد الله بن الحسين الذي كان ملكاً على الحجاز مقابل دعمه لبريطانيا. لكن عبد الله لم يبق طويلاً في منصبه فقد اغتيل في القدس على ما يبدو بأوامر من الحاج أمين الحسيني، مؤسس الإخوان في فلسطين.

•بالاضافة إلى الخطر الداخلي من جانب الإخوان، يتعرض الأردن إلى خطر حقيقي على حدوده مع سورية، حيث بعض النقاط الحدودية واقعة تحت سيطرة تنظيم “داعش” أو المؤيدين له. لقد أعلن “داعش” من قبل أن النظام الأردني كافر وأن اسقاطه واجب ديني. وما زلنا نتذكر الحكم على الطيار الأردني بالحرق حياً.

•يضاف إلى التهديدات الخارجية من جانب “داعش” والداخلية من جانب الإخوان، تهديد آخر هو وجود نحو مليون لاجئ سوري انضموا إلى السكان الذين يبلغ عددهم نحو 8 ملايين نسمة. لم يحظ هؤلاء اللاجئون السوريون باستثناء آلاف قليلة، على أذونات عمل، والمساعدة الاقتصادية التي تعهد الغرب بتقديمها لم تصل سوى بصورة جزئية، مما أدى إلى نشوء برميل متفجر بشري يهدد السلطة. وإذا تذكرنا أن تنظيم “داعش” يعتبر تسلل خلايا مخربين عبر موجة المهاجرين واللاجئين استراتيجية حرب، فيمكننا توقع وقوع هجمات كبيرة في المستقبل القريب في الأردن. ويجب أن نضيف إلى هذا كله التركيبة الديموغرافية للمملكة: فأغلبية السكان فلسطينية، وسياسة التمييز التي يعتمدها النظام هي التي تبقي ممثلي العشائر البدوية في موقع متقدم.

•من مصلحة إسرائيل استمرار الأردن والملك عبد الله الذي يُبعد الإسلاميين عن الحدود الشرقية، وهي ستساعد الملك بجميع الوسائل المتاحة. وفي إمكان الغرب أيضاً الاستفادة من القدرة على مهاجمة “داعش” من داخل الأردن، وأن يواصل دعمه للمملكة. لكن ثمة شك في أن يكون هذا كافياً.

(*) مؤسسة الدراسات الفلسطينية