أين العالم من جرائم الحرب والإبادة الجماعية في حلب؟

تهاوت الهدنة وتلاشت آثارها لتحل مكانها أعنف الغارات الجوية التي ترمي أطنان من القنابل المحرم استخدامها دوليا على المدنيين في مدينة حلب، حيث وصف ما يسمى بالمجتمع الدولي  ما يجري في حلب  بأنه أقرب إلى جرائم الحرب والإبادة الجماعية  المستمرة دون حسيب أو رقيب، وحتى ايضا من دون وجود حد أدنى من المسؤولية الدولية لوقف ما يحصل من فظاعات على أرض مدينة حلب التي تتزلزل تحت أقدام قاطنيها بسبب وحشية وفاشية القصف التي تتعرض له، في مشهد يجعل العالم بأسره بشرقه وغربه مسؤول عن ما يحصل من جرائم مروعة مستمرة في حلب كما في كل أنحاء سوريا حتى اشعار آخر.

ويرى متابعون بان ما يصدر من تصاريح اتهامية متبادلة بين القوى الدولية المعنية بالملف السوري لا سيما الولايات المتحدة وروسيا لا يدل سوى على أن الخلافات الدولية والإقليمية حول الأزمة السورية لا تزال كبيرة وعميقة، ولا يدل أيضا سوى على أن الحل السياسي في سوريا عل الأقل في المدى المنظور القريب والبعيد فأن الحل السياسي بات مهمة مستحيلة خصوصا أن كل المعطيات المربطة بالأزمة السورية تدل على أن كل فريق يقاتل في سوريا هو على يقين وقناعة تامة بأنه قادر أن ينتصر في نهاية الأمر عسكريا في الميدان السوري لذلك أن جميع الأطراف المتقاتلة في سوريا ليست جدية لحد الأن في إيجاد حلول سياسية في جنيف أو في أي مكان آخر في العالم  للأزمة السورية.

وفي هذا الإطار، قالت سفيرة أميركا في الأمم المتحدة خلال جلسة طارئة لمجلس الأمن لمناقشة التطورات الأخيرة في سوريا، سامنثا باور إن أفعال روسيا في سوريا أفعال وحشية وليست محاربة للإرهاب، مشيرة إلى أن روسيا تسيء استخدام الفيتو من خلال قصف سوريا ولا سيما حلب.

بدوره، قدم خلالها المبعوث الأممي إلى سوريا، ستيفان دي ميستورا تقريراً حول التطورات في سوريا، وذلك خلال الجلسة التي عقدت بطلب من الولايات المتحدة وبريطانيا وفرنسا لبحث القتال والحصار على الأحياء الشرقية لمدينة حلب السورية.وطالب مبعوث الأمم المتحدة الخاص إلى سوريا بوقف فوري لإطلاق النار في حلب، متهما روسيا ونظام الأسد بارتكاب جرائم ترقى لجرائم حرب. كما أكد دي ميستورا أن القصف يتركز على الأحياء السكنية في شرق حلب، واصفاً ذلك بالمأساوي نظراً لاستخدام أسلحة فتاكة كالنابالم الحارق والقنابل التي تستهدف الملاجئ.

وكشف تقرير دي ميستورا عن توقف محطتين أساسيتين للمياه في حلب، ما اضطر سكان المدينة لشرب المياه من آبار ملوثة، وذكر دي ميستورا أنه من غير الممكن أن يكون 270 ألف محاصر في الأحياء الشرقية من حلب من الإرهابيبن، مطالباً بإجلاء المصابين منهم.ودعا المبعوث الأممي إلى سوريا إلى هدنة لوقف النار لمدة 48 ساعة من شأنها إيصال المساعدات إلى حلب الشرقية، عازماً في الوقت نفسه على عدم سماحه بدفن اتفاق وقف النار في سوريا تحت الأنقاض.من جانبه، قال سفير روسيا بالأمم المتحدة فيتالي تشوركن، إن إحلال السلام في سوريا بات مهمة شبه مستحيلة الآن، مشيراً إلى أن واشنطن دعمت جماعات إرهابية في سوريا وزودتها بالسلاح.وأضاف سفير روسيا: “نطالب بفصل المعارضة المعتدلة عن الجماعات الإرهابية في سوريا”، مشيراً إلى أن واشنطن لم تلتزم بتعهداتها في اتفاق وقف النار.

من جانبه، دان السفير الفرنسي لدى الأمم المتحدة فرانسوا ديلاتر النظام السوري وحلفائه، في إشارة إلى روسيا، جراء قصفهم مدينة حلب بطريقة عشوائية واستهداف العزل. وقبل جلسة مجلس الأمن، قال ديلاتر إن روسيا وإيران قد تعتبران شريكتين في جرائم حرب في سوريا، ودعاهما للتخلي عن استراتيجية الطريق المسدود.واتهم السفير الفرنسي النظام السوري وحليفه الروسي بالمضي في الحل العسكري في سوريا واستخدام المفاوضات “للتمويه”.

وشبه حلب بـ”ساراييفو” خلال الحرب في البوسنة قبل نحو عشرين عاما، وبغيرنيكا في إسبانيا خلال الحرب الأهلية في هذا البلد في ثلاثينات القرن الماضي، وشدد السفير الفرنسي على أن “جرائم حرب ترتكب في حلب”، مشيرا الى “استخدام قنابل حارقة وذخائر متطورة”.

فيما قال سفير بريطانيا لدى الأمم المتحدة، ماثيو ريكروفت، إن محاولات الولايات المتحدة وروسيا لإحلال السلام في سوريا “تقترب كثيرا جدا من نهايتها، وعلى مجلس الأمن أن يكون مستعدا للوفاء بمسؤولياته”، مشيراً إلى أن روسيا شريك مع الحكومة السورية في تنفيذ جرائم حرب. كما ندد بالخروق الفاضحة للقوانين الدولية في حلب، مؤكداً احتمال اللجوء الى المحكمة الجنائية الدولية لمعاقبة منتهكي حقوق الانسان ومرتكبي جرائم الحرب، معتبراً أن روسيا أصبحت شريكة بتدمير حلب بشكل مباشر.

____________

(*) هشام يحيى