هل تُعجِّل تحركات الشارع في إنتخاب رئيس للجمهورية؟

د. ناصر زيدان (الأنباء الكويتية)

تترقب الاوساط السياسية والشعبية جلسة مجلس النواب رقم 45 في 28 سبتمبر/ايلول المُخصصة لإنتخاب رئيس للجمهورية، بحيث يسبق الموعد وَعيدٌ بإعتبار التاريخ حداً فاصلاً بين حالة الترقُب التي كانت سائدة، وبين وضعية قلب الطاولة على الجميع بواسطة التحركات الشعبية في الشارع، وفقاً لما يُهدِد به التيار الوطني الحر الذي ينتظر من الكتل النيابية إنتخاب زعيمهِ العماد ميشال عون لرئاسة الجمهورية، على اعتبار انه الحل الوحيد الممكن للخروج من دوامة التعطيل المُستمرة منذ ما يُقارب العامين ونصف العام.

تُشبة بعض الطروحات التي يتداولها عدد من النواب كحل للأزمة الرئاسية في لبنان ” الأوُليغارشية” بكل معانيها، فهؤلاء لديهم حلٌ واحد لا ثاني له؛ وهو إنتخاب العماد عون رئيس للجمهورية، هذا ما صرَّح به النائب محمد رعد رئيس كتلة الوفاء للمقاومة مؤخراً، ومثله قال النائب ابراهيم كنعان عضو تكتُل التغيير والاصلاح. فالحل للمُعضلة بأيهم سهلٌ جداً، ولا يحتاج الامر إلا لساعات لكي تُطوى صفحة الفراغ، وتنتهي لُعبةُ التعطيل.

بصرف النظر عن الموقف السياسي من العماد عون، وعن مدى تأييده او معارضته كمرشح جدي لموقع الرئاسة؛ فقد استهلكت الفكرة ذاتها، وكادت تؤدي الى ازمة كيانية تُعيد النظر بالعقد الاجتماعي بين اللبنانيين برمته، ذلك عندما اعتبر البعض: ان الميثاقية التي هي اساس الدستور اللبناني تفرض إنتخاب عون للرئاسة، ولو كانت هذه الآراء صحيحة؛ يعني ذلك ان الميثاقية اللبنانية ضد النظام البرلماني الديمقراطي المعمول به بالمُطلق.

يُهدد التيار الوطني الحر بالنزول الى الشارع في حال لم يتم إنتخاب زعيمه للرئاسة. بطبيعة الحال فإن الضغط الشعبي مقاربة واقعية تُستخدم عادةً للمطالبة بالحقوق، او لرفعِ شعاراتٍ تغفلها السلطة. وقد تؤكد التظاهرات على شعبية العماد عون في بيئته، لكنها بطبيعة الحال ليست الدواء الناجع لداء الفراغ، لماذا؟

اولاً: لإن الشارع في لبنان مُتنوِع، ومُنقسِم، والتظاهرات التي قد يُسيرها التيار الوطني الحر تأييداً لترشيح زعيمه؛ يمكن ان تُقابلها تظاهرات اكبر تُطالبه بالعزول عن الترشيح والعودة الى اللُعبة الديمقراطية بكُل حيثياتها. ثانياً: ربما ينتُج عن التحركات الشعبية بعض الفوضى التي لا تتحملها البلاد في هذا الوقت بالذات، وقد تتجه الامور الى مُندرجاتٍ غير محسوبة تُثير النعرات الطائفية او المذهبية، وعندها نكون قد فتحنا ابواباً مُغلقة على مساحة التأزُّم التي تعيشها البلاد من كل النواحي.

واهم من كل ذلك؛ فإن التحركات الشعبية في الشارع اليوم، يمكن ان تؤدي الى عكس مقاصدها، وبالتالي تُعطي فرصة للمُتربصين بالصيغة اللبنانية للإنقضاض عليها والمطالبة بعقدٍ اجتماعيِ جديد، قد يكون على حساب المُناصفة التي اقرَّها اتفاق الطائف، وتتمسك بها مُعظم القوى السياسية اليوم اكثر من اي وقتٍ مضى.

لا يبدو ان التحركات في الشارع من فئة واحدة قد تُساعد في التعجيل في انتخاب رئيس مُحدد جديد للجمهورية، لأن الآلية الدستورية لعملية الإنتخاب واضحة، وهي في النزول الى مجلس النواب ووضع الاوراق في صندوقة الإقتراع. وربما يكون للعماد عون النصيب الاوفر من اصوات النواب وبالتالي يُصبح رئيساً؛ اما تعيينه مُسبقاً قبل النزول الى المجلس؛ فيبدو كأنه فُرِض فرضاً، وبالتالي فإن الفكرة غير واردة وفقاً لخريطة توزُّع القوى حالياً، خصوصاً في ظُل الانقسامات الاقليمية الحادة التي تعيشها المنطقة.

الرئيس نبيه بري يدعوا لتفاهمات شاملة على الملفات الحساسة، ومنها قانون الإنتخاب وموضوع انتخاب الرئيس. يمكن للتفاهمات ان تؤمِن صيغة خروج من المأزق، ولكن شرط من شروط التفاهمات؛ هو الحفاظ على صيغة النظام الديمقراطي البرلماني المعمول به، رغم شوائبه والتشوهات.

اقرأ أيضاً بقلم د. ناصر زيدان (الأنباء الكويتية)

التوازن السياسي في لبنان

قراءة مختلفة لأحداث الأسبوع اللبناني الطويل

انفلات التخاطب السياسي في لبنان: أسبابه ونتائجه

هل هناك ما هو أبعد من تمثيل نواب «سنة 8 آذار» في الحكومة؟

الرأي العام اللبناني لا يريد التصعيد السياسي

هل انقلبت صفحة التفاؤل.. أم أن التعقيدات غيمة خريف وستنجلي؟

استحقاقات لبنانية داهمة

عن نظرية عدم حصرية تمثيل الطوائف في الحكومة

عن خطورة وخلفيات ما حصل في المطار

لقاء بكركي الذي حرّك السواكن الحكومية

ماذا تقول أوساط معارضة عن الأحجام السياسية؟

مصالح لبنان في سورية ومصالح سورية في لبنان

مواقف في خطاب عيد الجيش

ما مبررات مواقف «الاشتراكي» و«القوات» من تشكيل الحكومة؟

عن الانعكاسات الخطيرة لتوقف القروض السكنية

عن إشكالية حصة الرئيس الوزارية

عوامل التفاؤل والتشاؤم

مرحلة ما بعد الانتخابات والأحلاف السياسية

عن الآثار السياسية لاستبعاد النائب أنطوان سعد

لبنان: الحسابات السياسية تختلف عن الحسابات المالية