هل أميركا مخبر لدى روسيا؟

جليل الهاشم

لم يثق أحد بإمكانية تنفيذ الاتفاق الروسي- الاميركي لفرض هدنة في سوريا تليها مفاوضات تؤدي الى حل سياسي. وقد تنبه الحلفاء الغربيون خصوصًا فرنسا الى اللعبة فطالبوا الأميركيين بوضعهم في أجواء وتفاصيل هذا الإتفاق بعد أن كانت أطراف في المعارضة السورية نبهت الى أنه يستثني الميليشيات الإيرانية الداعمة للنظام ورغم ذلك قبلت به على مضض. حتى المصادر الروسية وعبر وسائل الإعلام المرتبطة بالكرملين توقعت أن لا ترضي الهدنة الأسد الذي دعا الى حسم عسكري يوم اعلانها وكذلك الايراني يسعى في نظر موسكو الى تنفيذ مشاريعه الخاصة في سوريا.

إلا أن القشة التي قسمت ظهر البعير كانت الإلحاح الروسي على الأميركيين لتسليمهم لائحة بمن تسميهم موسكو الفصائل الإرهابية مع خرائط تظهر أماكن تمركز تلك الفصائل. ألحت موسكو طوال أكثر من اسبوع على هذا الأمر مستغلة الإنشغال الأميركي الداخلي بمعركة الرئاسة ومصورة الطرف الأميركي أمام العالم وكأنه مجرد مخبر يتلقى راتبه من مشغله الروسي مقابل الخدمات التي يؤديها.

Russia's Foreign Minister Lavrov and U.S. Secretary of State Kerry walk next to each other before a bilateral meeting in Kuala Lumpur

لذلك لم تصمد الهدنة ولم تأتي ضربة مدافع الأسد في دير الزور مهما قيل عنها وعن ظروفها عبثًا وهي ربما تمثل “انتفاضة” في الماكينة العسكرية الأميركية ضد ديبلوماسية كيري وتردد أوباما.

لم توحي الإتفاقات الأميركية الروسية بشكلها الأخير بأنها مدخل الى التسوية فالأسد ومن معه يعلنون في كل يوم أن هدفهم الحسم العسكري للبقاء في السلطة من دون أخذ في الإعتبار للمأساة التي يعيشها الشعب السوري. ينسى هؤلاء أن سوريا باتت أكبر مصدر للاجئين في العالم منذ نهاية الحرب العالمية الثانية حيث هاجرها قسرًا أكثر من ستة ملايين مواطن وينسون أن عددًا مماثلًا ينتشر داخل سوريا نفسها ويمعنون في ممارسة سياسات لم يشهد التاريخ لها مثيلًا قوامها إخلاء المدن والأحياء من سكانها وتشريدهم في بلادهم تحت عنوان المصالحة كما حصل في داريا والمعضمية وحمص.

إن أي هدنة يفترض أن تقود الى حل سياسي يحقق هدفين تقاسم السلطة على الأقل أي إنهاء حكم الأسد والقضاء على الإرهاب أي وضع حد لنشاط المنظمات الإرهابية المتطرفة وعلى رأسها تنظيم داعش. إلا أن ما يتبين حتى الآن هو أنه لا روسيا ولا الأسد ولا ايران بالطبع يسعون الى مثل هذه النتيجة.