الشباب الغاضب على السياسيين

د. محمود صافي

لا تستقيم الأوضاع السياسية والأمنية والاقتصادية والاجتماعية بالشعارات الرنّانة، وتوجيه التهم للسياسيين دون حسّ مادي واضح الخيارات، ووضع البديل في خطط مدروسة عصرية، لا تستقيم الأوضاع بالهتافات والتهديدات…

على بعض الشباب النخبة في الأحزاب والجمعيات والتكتّلات أن تنهض ويعلو صوتها لأنّ خميرة التقدّم، ومفهوم النخبة التي ركّز عليها المعلِّم كمال جنبلاط في ميثاق الحزب التقدّمي الاشتراكي وفي كتاباته ومؤلّفاته العديدة… يقول:”على السياسي والموجّه والقائد، التجرّد عن الاعتزاز بالنفس، والتجرّد عن الطموح الفردي، طموحه يجب أن يكون بالعطاء والأمانة على مصالح الشعب وهو قادر على تسيير أمور الحكم والإدارة والقضاء، النخبة نخبة المعرفة والأخلاق الوطنية، ليست مثل الذين تفرزهم معظم الأحيان المطامع الروحية الوصولية. إنَّ دور النخبة هو كدور الخميرة في عجين الخبز. إنَّ التحدّث عن الجماهير كلمة فضفاضة حيث يبقى الإصلاح كلمة جوفاء لن تؤدّي إلى التغيير وخلق البدائل في السياسة تذهب في الأثير. أما إذا توفّرت النخبة الحقيقية التي تحمل الفكر وتجسّده قولاً وعملاً لتكريس الأعمال والمشاريع وتهيّئ الجو لشاطات الناس، فلكلّ شيء نظام ونظام المجتمع هو في إفساح المجال أمام النخبة لشقّ الطريق الأفضل والمسلك الأشرف. يجب الاعتراف أنّ ما نسمّيه الشعب، إذا لم يكن السياسيين والموجّهين والقادة يفهموا هذا فإنَّ سياستهم تفشل.

898

نعود إلى الأحزاب أين هي من إبراز النخبة؟ للأسف هي ترغب بالانجراف وراء من يحسن دغدغة عواطفها وتطلّباتها الآنيّة. الحقيقة السياسية الإصلاحية عليها خضّ الضمير وعقول الناس باتّجاه التحليل وصوابية الأسلوب والنهج القويم والأخذ بمفهوم المجتمع المتماسك، بمفهوم الحرّيات والحقوق الشخصية والاجتماعية والمهنية والنقابية والطلاّبية ومنتديات الشبيبة الواعية.

واخيرًا أستشهد بقول المعلِّم كمال جنبلاط:”الأخذ بمفهوم العودة إلى الطبيعة أو الحياة الطبيعية، والأخذ بمبدأ التنوّع ضمن الوحدة لأنّه ناموس الطبيعة كلّها”.