سليل الارث الوطني والعربي والإنساني
منير بركات
16 سبتمبر 2016
إن السيرة الذاتية المغمورة للأميرة الراحلة مي ارسلان جنبلاط بصمتها الهادر، وظلالها المشهودة، تحمل في طياتها الكثير من المعاني انطلاقا من التاريخ العريق المتعدد والمتكامل لينتج شخصية مفولذة مسلحة بالوعي والإنتماء العربي والإنساني الأصيل والتي شهدت عليها المفاصل والمنعطفات الحادة بمواقفها الوطنية والعربية لا سيما ثوابتها تجاه القضية الفلسطينية والعدو اﻹسرائيلي.
وكانت الحرية عندها عنوانا قائما على احترام الرأي الآخر ورفض اﻹقصاء والتمسك بالانفتاح والحداثة بمواجهة التخلف في العالم العربي، واعتبرت ارث الانضمام للإنسانية الكونية، والاسهام بإغنائها هو الطريق الوحيد لكسر الحواجز، وإزالة المتاريس من النفوس ومن القلوب ومن العقول وربط كل هذه الاهداف بالحرية كوسيلة وحيدة لتحقيقها وهذه هي مدرسة شكيب ارسلان وكمال جنبلاط.
وكم نحن بحاجة للفكر الانساني في ظل التنافر والعصبيات وظواهر العنف والظلامية وحالات الانهيار المجتمعي والثقافي، وكم نحن متلهفين للنهج المتنور على قاعدة وضع الاسس الصحيحة والهادفة من اجل امة افضل، وشعوب تعيش السلام والبحبوحة في وسط التراجع، والتحلل، ومخاطر زوال القيم وتحول العالم العربي الى ساحات من الانقسامات والصراعات الدموية الدائمة خدمة لمصالح المحاور الاقليمية والدولية المعادية للعالم العربي وعلى حساب شعوبه.
انه عصر الردة ندرت فيه عصية المواقف الصلبة بمواجهة التحديات، لنرى شعلة مضيئة من سليل حافظ على الأرث الوطني المرتبط بخليط من التراث الانساني العربي التقدمي المنفتح، وما لوقفة الوفاء والتكريم في المختارة للأمير شكيب ارسلان في تشييد مسجد بأسمه في الذكرى الثالثة للراحلة مي ارسلان جنبلاط إلا تجسيدا لتلاقي الحضارات والأديان ولنهج العروبة والحرية واستكمالا لتدشين الكنيسة في الأمس القريب وتوظيف الرسالات والأماكن الدينية في خدمة العيش المشترك والسلم الإهلي وأحتواء كل محاولات التفجير والتعطيل في لحظة الارتداد على المضمون الانساني للاديان وتحويلها إلى وحوش تفترس بعضها أو تأكل نفسها. إن الإحتفال التدشيني ببعده واهميته التراثية، يعتبر خطوة لتأكيد التنوع والتعدد وهذا ما اراده أمير البيان والشهيد المعلم واحتضنته السيدة مي ارسلان جنبلاط ليظهره الزعيم الوطني وليد جنبلاط بأسمى مظاهره الثقافية والسياسية.
*رئيس الحركة اليسارية اللبنانية