في ذكرى المقاومة الوطنية اللبنانية أم اللاوطنية؟

منير بركات

عندما صدر البيان التاريخي بالإعلان عن قيام جبهة المقاومة الوطنية اللبنانية من منزل الشهيد كمال جنبلاط، إنطلاقا من الثورة الوطنية الديمقراطية ببعديها المقاومة الوطنية ضد الاحتلال الإسرائيلي، والحركة الثورية الداخلية الهادفة الى إسقاط حكم التسلط الطائفي – الطبقي وإقامة حكم وطني ديمقراطي فهي لم تأت من فراغ بل  لها جذورها في التاريخ العربي البعيد، ومن بينها الشعب اللبناني ضد السيطرة العثمانية، الى “العاميات” الى الثورة السورية ومواجهة الاستعمار الفرنسي ومعركة الاستقلال، الى التصدي لسياسة الأحلاف التي بلغت ذروتها في انتفاضة عام ١٩٥٨، الى إنطلاقة المقاومة الفلسطينية… مرورا بالتصدي للاحتلال الاسرائيلي صيف عام 1982 وصولا الى انطلاقة جبهة المقاومة الوطنية اللبنانية ضد الاحتلال في السادس عشر من ايلول من العام نفسه.

0

إن الأساسي في بعد المقاومة الوطنية اللبنانية ارتباطها بمفهوم “الوطنية اللبنانية” ومسألة التحرير، والحرب الأهلية اللبنانية والفصل القسري معها بالرغم من ترابطها الموضوعي من خلال وجهيها الداخلي والخارجي، المقاومة الوطنية والثورة الوطنية الديمقراطية في لبنان، المقاومة وتناقضها مع الفكر  الديني ودور التيارات الدينية بالرغم من محاولات وضع اسس لتوحيد الموقف ضد العدو الاسرائيلي خارج الأقصاء، المقاومة الوطنية والصراع داخل الكيان الصهيوني، والعلاقة مع المقاومة  الفلسطينية، وحركة التحرر الوطني العربية، والحركة الثورية العالمية، المقاومة الوطنية اللبنانية ضد اسرائيل وأميركا ونهج التدخل العدواني، المقاومة الوطنية ومواجهتها للوصاية السورية ومحاولات مصادرتها واحتوائها وادخالها في بازار التسويات.

لقد قدمت المقاومة الوطنية اللبنانية فصولاً رائعة ومبدعة في مجال التنظيم، والعمل العسكري والجمع بين كل اشكال النضال من انتفاضات القرى في ظل الاحتلال الى ابطال معسكرات الاعتقال، الى العمليات العسكرية النوعية للمقاومة وتقديم مئات الشهداء، لتصبح مجالا للانتاج الفكري والادبي والثقافي المتنور بأقلام تستحق التقدير والوفاء.

2

إلا انه بالرغم من الجوانب المضيئة في دور المقاومة الوطنية والتي حررت معظم الاراضي اللبنانية وصولاً الى الشريط الحدودي، بالمقابل فشلت الاهداف الاخرى  بسبب تردي حركة التحرر الوطني العربية بتياراتها المختلفة، ومن جهة أخرى صعود التيارات الاصولية الاسلامية المختلفة لا سيما حزب الله والدعم الايراني والسوري لها واقصاء كل الآخرين واستيعاب بعض الاطراف في المشاركة الشكلية من خلال سرايا المقاومة والتي اصبحت كميليشيا الباسيج الايرانية، وبالتالي افراغ المقاومة من مشروعها ومحتواها واهدافها، ولتصبح المقاومة اللاوطنية شرط من شروط الانقسامات الطائفية والمذهبية خاصة بعد استكمال التحرير وصولا الى التلوث في الصراع الاقليمي المباشر وصولاً الى التعطيل وتشديد القبضة على السلطة اللبنانية، والتي تهدد البلد بالانهيار الكامل وانفتاحه على كل الاحتمالات من تغيير وجهه ودستوره الى مخاطر التهديدات الأمنية .

حزب-الله_28

وتتزامن في هذه الذكرى مع وفاة أحد الرموز الميدانية للمقاومةً الوطنية اللبنانية الرفيق والصديق المرحوم كمال البقاعي ليتم تشييعه دون أن تذكر مقاومته للدخول السوري الى البقاع  وتجلى ذلك في بيان نعي القائد كمال البقاعي الذي صدر عن اللجنة المركزية للحزب الشيوعي اللبناني.. والذي عددت فيه مآثر الرفيق كمال في تصديه للعدو الاسرائيلي ودفاعه عن ارض الوطن.. الا انها تجاهلت مرحلة مهمة ومعركة كبرى خاضها كمال ورفاقه لمنع دبابات الجيش السوري من اجتياح البقاع وبخاصة معركة مشغرة البقاع الغربي والتي منعت السوريين من سلوك طريق ميدون جزين حيث جرى ضرب الدبابات السورية هناك وبقيت اثار المعركة لفترة طويلة شاهدة على دفاع الشيوعيين عن ارضهم بوجه كل طامع…

هل تخجل قيادة الحزب من هذه المحطات المضيئة مراعاة للنظام السوري القاتل، وانسجاما مع الخيارات السياسية التي تدين نفسها فيها بتحالفها مع محاور اخضاع الشعبين السوري واللبناني وبذلك تكون قيادة الحزب قد اصبحت جزء لا يتجزأ من منظومة ثقافة المقاومة اللاوطنية  والتخلي عن التراث الوطني بالكامل.

(*)رئيس الحركة اليساريةاللبنانية

اقرأ أيضاً بقلم منير بركات

طلّة راقية في ذكرى مولده

لن يتمكنوا من تغيير هوية الجبل ووجهه

التحذير الفرنسي للبنان شبيه بتحذير السفير الفرنسي قبيل اجتياح 1982!؟

مفهوم الدولة وشروط تكوينها 

مكامن الخلل في تجزئة الحرية؟

أهل التوحيد والتاريخ المجيد… غادروا الماضي واصنعوا المستقبل !؟

الألفية التاريخية للموحّدين الدروز

تحفّزوا بالقامات الكبيرة يا حديثي النعمة!؟

بعيداً من التبسيط.. البلد على حافة الهاوية!؟

العقوبات غير المسبوقة تصيب مقتلاً في النظام الإيراني

الموحّدون الدروز: المخاوف من إطاحة الوطن

مبادرة “التقدمي”: خطوة متقدمة لحماية الحريات العامة

على الرئيس المنشود ممارسة القمع لكي يكون مرشح الناخب الأول!؟

تلازم الفاشية مع الطائفية ومأزق الحكم

أين المصير الواحد والبلد الواحد واللغة الواحدة من كل هذا؟

المطلوب وقفة موحدة ضد النظام!

الشعوب ضحية الأطماع الدولية والأسد فقد دوره الأقليمي

بلورة المشروع الوطني المعارض

رسالة الى رئيس الجمهورية

الاطاحة بالطائف يعيدكم الى حجمكم!؟