لبنان وحرب الميثاقية: المحرومون، الحارمون، والحرامية

رفيق خوري (الأنوار)

حرب الميثاقية هي في الجوهر حرب المشاركة، وان اختصرها البعض حالياً بمعركة الرئاسة. وليس أمراً قليل الدلالات بعد ربع قرن على الطائف أن يخوض التيار الوطني الحر حرب الميثاقية والمشاركة، وهو شريك في السلطة وحليف لأقوى الشركاء فيها. ولا يبدّل في الأمر كون الانطباع السائد لدى كثيرين ان المسألة هي فتح الطريق الى قصر بعبدا أمام العماد ميشال عون. فلا الرئاسة هي الضمان الوحيد لتكريس المشاركة. ولا المشاركة هي مجرد وضع السلطة في أيدي الأقوياء في طوائفهم، وان يتمكن المسيحي القوي من أن يختار هو الموظفين الكبار في المراكز المخصصة لطائفته كما يفعل الأقوياء السنّة والشيعة والدروز بالنسبة الى الموظفين الكبار من طوائفهم، أي تعميم الخطأ.

واذا كان من حق أي مكوّن ومن واجبه خوض حرب المشاركة لرفع المظلومية عنه، كان السؤال يبقى عن ادارة الحرب. هل تدار تحت عنوان تصعيد بلا حدود ولا سقف، مع معرفة الجميع، وبشكل خاص الأقوياء، ان المعارك السياسية العسكرية في لبنان وسواه لها حدود؟ وهل تدار استعادة حقوق المسيحيين بالخلاف والسجال مع أطراف مسيحية أخرى، بصرف النظر عن حجمها التمثيلي، أم بالضغوط على الذين يمسكون بمفاتيح السلطة للتوصل الى تفاهم؟

الجواب بالنسبة الى الرئاسة هو تصديق الطرفين اللذين يتبادلان التهم حول الشغور الرئاسي: حزب الله وتيار المستقبل، ومن خلفهما ايران والسعودية، فما يعطله تيار المستقبل الذي يحضر كل الجلسات المخصصة للانتخاب هو انتخاب المرشح الوحيد لحزب الله العماد ميشال عون. وما يعطله حزب الله الذي يقاطع الجلسات هو اللعبة الانتخابية كلها، سواء كان الدافع هو الاصرار على المجيء بمرشحه الوحيد أو هو اللامصلحة في المجيء برئيس ما دام يقاتل في سوريا ضد مشروع كبير دفاعاً عن مشروع كبير مرشح لتغيير كبير في المنطقة وضمنها لبنان.

أما المظلومية، فان ما حدث ويحدث في لبنان بات يحتم الخروج من المفهوم التقليدي لها. إذ هي شعار دوّار على الطوائف بحسب الأوضاع. وفي لبنان اليوم ثلاث فئات هي: المحرومون، الحارمون، والحرامية. لكن التصنيف لم يبق كما كان بالنسبة الى الحرمان لجهة طائفة محددة أو مناطق محددة. فالمحرومون حالياً اقتصادياً واجتماعياً وسياسياً حتى من حقهم في تكوين السلطة عبر قانون انتخاب عادل هم الأكثرية الساحقة من كل الطوائف. والحارمون هم أمراء الطوائف وأتباعهم من التركيبة السياسية الحاكمة الذين يتقاسمون الحصص والغنائم في المال والسلطة ويشاركون رجال الأعمال والمصارف. والحرامية هم قسم من الحارمين.

اقرأ أيضاً بقلم رفيق خوري (الأنوار)

أزمة حكم أعمق من الطابع الدستوري

صراع المصالح والعصبيات في نظام فيتوقراطي

أي ترجمة عملية لانتصارات بوتين؟

صراع ما بعد الحرب على داعش

حكومة هندسات سياسية وديمقراطية ممرات الزامية

تقاسم الخارطة السورية ومحاربة داعش بالتفاهم

واشنطن وطهران والرياض: أي موقع للبنان؟

أميركا والعالم: مخاطر ما بعد الانتخابات

فصل رئاسي في محنة أميركا

تحديات تحييد لبنان: أين ناصر عون؟

لبنان والمنطقة: معارك في حرب واحدة

شطرنج بوتين وأوباما: أي خيار في حلب؟

لقاء مضطرين لا تفاهم حلفاء

حسابات معركة الموصل: هل انتهت وظيفة داعش؟

كلفة تخطي بوتين للقياصرة والسوفيات

بوتين والقياصرة والسوفيات: ثوابت الجيوبوليتيك الروسي

الخلاف الأميركي – الروسي هو الوجه الآخر للاتفاق

خريف الأمم المتحدة: التفرّج على الجحيم

أوهام رهانين ثابتين في متغيرات سوريا

اتفاق كيري – لافروف ل تنظيم الحرب