هل تذكرون الموازنة العامة؟

داليا بو عماد

أنباء الشباب

ليس بالغريب ان يحل لبنان في المرتبة الاخيرة عالمياً بين 102 دولة في العام 2015 لناحية الشفافية بحسب تصنيف International Budget Partnership، في ظل إنفاق وجباية واستدانة دون موازنة منذ 10 سنوات.

فقد اقرت كل الدول العربية والاقليمية حتى تلك المتخبطة بحروب عسكرية او ازمات مؤسساتية، موازناتها لعام 2016 المالي.

فالموازنة تعرّف في المادة (3) من قانون المحاسبة العمومية بأنها “صك تشريعي تقدّر فيه نفقات الدولة ووراداتها عن سنة مقبلة وتجاز بموجبه الجباية والانفاق” وتتجاوز هذا التعريف القانوني كونها لها أهمية اقتصادية واجتماعية واصلاحية شاملة.

IMG-20160823-WA0012

فتوضح السلطة سياستها المالية عبر الموازنة لجهتي الطلب والعرض في الاسواق، كما تبين طبيعة تدخلها في الاقتصاد والاسواق من خلال مستويات واولويات الانفاق المتبعة محددة تمويل سياساتها العامة من التعليم و الصحة الى الدفاع والامن.

وقد أقرّ لبنان منذ الاستقلال (عام ١٩٤٣) ٦٢ قانون موازنة، كان منها 26 موازنة فقط مقرة ضمن المهل القانونية.

ولان الموازنة هي رؤية اقتصادية واجتماعية للحكومة في فترة السنة المالية، فإنّ غيابها يعني غياب اي برنامج مالي وضريبي بالدرجة الاولى واقتصادي بالدرجة الثانية واجتماعي بالدرجة الثالثة، كما غياب الانماء ومشاريع التنمية. وبسبب هذا الغياب تحوّل العمل الاقتصادي للحكومات المتعاقبة الى تسيير اعمال الادارات والمؤسسات العامة، والاستدانة عبر سندات الخزينة لسد العجز الناجم عن زيادة الانفاق (خلافاً للقاعدة الاثني عشرية) دون غطاء برلماني قبل 2012 وبعد 2012.

Parliament

ولكن بهذا الغياب لا يمكن القيام برقابة فعلية على المالية العامة من قبل الجهات الرقابية المخوّلة بهذا الامر، لا سيما ديوان المحاسبة (رقابياً) ومجلس النواب (سياسياً).

وفي ظلّ كل ذلك ستكون الصورة الاقتصادية وتحديداً المالية لهذا الاقتصاد غير سليمة لدى المراقبين الاقتصاديين الدوليين المعنيين مع ما تعكسه هذه الصورة من هدر في فرص الاستثمار الخاص لا سيما الاجنبي منه.

money

لذلك يجب إقرار موازنة تترجم وتضبط عمل الحكومة الاقتصادي (لا سيما المالي)  والتنموي والمؤسساتي والسياسي، ولا يكفي ذلك فقط لإعادة تصويب المؤشرات ومعالجة الآثار المذكورة ان لم تكن هذه الموازنة الجديدة تحمل إصلاحات مالية في الإنفاق كما في العجز العام مترافقة مع اصلاحات في القوانين والتشريعات المالية كوضع سقف قانوني للدين العام مع إقرار القانون الجديد للمحاسبة العمومية والقانون الجديد للمناقصات .