الروس باقون في همدان وغيرها!

راجح الخوري (النهار)

ليس خافياً على فلاديمير بوتين ان موافقة ايران على فتح قاعدة همدان أمام مقاتلاته البعيدة المدى لتقصف أهدافاً في سوريا كان يفترض ان تبقى سراً طي الكتمان لأسباب معنوية وسياسية إيرانية تحديداً:
اولاً – حرصاً على عدم إحراج طهران لأن الدستور الايراني يرفض السماح بوجود أي قوة خارجية على الأراضي الإيرانية، وهو إمر لم يحصل لا في عهد محمد رضا بهلوي ولا بعد الثورة التي نصّ دستورها صراحة على هذا الأمر.
ثانياً – كانت مفاجأة مزعجة لطهران عندما كشف الكولونيل كريس غارفر، بعد ساعات من إقلاع المقاتلات الروسية من همدان، ان موسكو أبلغت سلفاً التحالف الدولي أن قاذفاتها ستقلع من ايران متجهة الى سوريا و”وتولينا تأمين الطلعات عندما عبرت منطقتنا ثم لدى عودتها”، بما أوحى ضمناً ان طهران تعرف كل هذا وقبلت بالتنسيق مع التحالف الدولي!
ثالثاً – إن فتح همدان أمام الروس يوحي ضمناً بما لا تقبله طهران، أي ان روسيا هي القاطرة التي تقود الحرب في سوريا دعماً للنظام، بما يعطيها الكلمة الفصل في النهاية، خلافاً لكل الإعلانات عن الدور الإيراني المتقدم في حماية الأسد. وقد حصل مثل هذا الإيحاء في ايلول الماضي مع بداية التدخل الروسي لمنع إنهيار اللاذقية الذي قيل انه جاء بطلب ايراني، وحصل في همدان بعد تقدّم المعارضة في حلب.
رابعاً – فور انطلاق القاذفات من همدان إضطر رئيس مجلس الشورى علي لاريجاني الى ان يصحح كلام أمين المجلس الأعلى للأمن القومي علي شمخاني عن “السماح لموسكو باستخدام منشآت عسكرية ضمن الطابع الإستراتيجي للتعاون بين البلدين”، بالقول: “لا يعني هذا أننا منحناهم قاعدة عسكرية، هذا كلام مرفوض” !
خامساً – اذا كان بوتين يتحرك في الإقليم بروح الدولة الكبرى، فإن ايران تتحرك بروح الأمبراطورية التي لا يناسب صورتها منح القواعد لقوات غريبة وخلافاً لدستورها، ولهذا كان مفهوماً جداً في موسكو سبب الإنتقادات التي وجهها اليها وزير الدفاع حسين دهقان الذي اتهمها بالتصرف إستعراضياً وبعدم الاكتراث قائلاً: “كان هناك نوع من الإستعراض وعدم الإكتراث في الإعلان عن هذا”، طبعاً لأنه كان يجب ان يبقى الأمر سرياً!
سادساً – وهو الأهم، الروس باقون في همدان ويمكن ان يستخدموا قواعد أخرى في الحرب السورية التي وضعوا فيها هم والإيرانيون كل رساميلهم السياسية والعسكرية. لاريجاني أكد هذا ودهقان أكد هذا صراحة بقوله: “سنواصل التعاون مع موسكو” في اطار ما يوصف بأنه “مهمات محددة بترخيص مسبق” والخلاف كان على الاعلان لا على الإنطلاق من همدان، وايران لا تستطيع الآن إغضاب روسيا أو خسارتها، ودروس اللاذقية وحلب لم تنتهِ بعد!