لماذا وليد جنبلاط والمسيحيون؟

رائد أبو شقرا (الأنباء)

لا شك أن المحافظة على السلم الأهلي والعيش المشترك، مهمة صعبة، ولا شك أن المصالحات الوطنية هي اليوم حاجة ملحة، فالعمل على تجنيب لبنان بركان الغضب السوري واجب وطني.

هكذا عودنا وليد جنبلاط، فمنذ عشرة أعوام والسلم الأهلي والوطني هاجس يرافق زعيم المختارة شأنه شأن الوطنيين في البلد.

وتحت هذا العنوان ذهب زعيم الجبل إلى إكمال المصالحات وتقديم التنازلات والانفتاح على الجميع في الملفات المعقدة، فهو لم يضع شروطاً لاي حوار، لم يقف حجر عثرة في الانتخابات الرئاسية، وافق على السلة متكاملة كانت أم غير متكاملة، وكل هذا تحت عنوان الحفاظ على المؤسسات و”ترقيع” ما بقي من هذا الكيان المهترىء.

يبدو أن هذا الدور لم يعجب البعض، وفرضية أن داعش تهدد ساقطة حكماً، فارهابيو داعش ينازعون تحت ضربات التحالفات الدولية من ليبيا إلى العراق فسوريا.

هذا أولاً في العسكر، أما في الأمن الداخلي فيتضح للجميع عدم قدرة التنظيمات الارهابية بالعبث بأمن لبنان، فالجيش اللبناني والقوى الأمنية كافة تقوم بدور فعال في تفكيك هذه الشبكات كأمن استباقي، وما يحصل في مخيم عين الحلوة خير دليل على ضعف القدرة على المناورة لدى هذه القوى، والتي يأست من أحوالها، فمنها من اعلن حل نفسه ومنها من بدأ بتسليم نفسه للجيش.

تبقى فرضية التهديد الداخلي، والتي هي اقرب الى الواقع لعدة أسباب:

أولاً: إن إعلان التهديد عبر جريدة النعاوي السوداء، بعد رفض عدة صحف من نشر هذا التهديد يُظهر بوضوح الجهات الممتعضة من مواقف جنبلاط الداعمة الثورة السورية، وتبني تلفزيون الخياط لهذا التهديد والترويج له ما هو إلا دليل آخر على صحة ما نقول.

ثانياً: إن لبنان بلد صغير، والجيش اللبناني والقوى الأمنية استطاعت رغم ضعف الامكانات من رصد والجماعات الإرهابية وزج بعضهم في السجون وملاحقة البعض الآخر، فالسؤال هنا، من في لبنان لديه القدرة على القيام بعمل عسكري بحجم تهديد زعيم الجبل؟ مع العلم أن مثل هذه المناورة تؤدي إلى ما لا تحمد عقباه على صعيد السلم الأهلي؟

ثالثاً: لا شك أن معركة حلب قد فضحت المستور، فحزب الله الذي لطالما تباهى بتحرير المناطق السورية قد تلقى ضربة قاسية وقاسية جداً، وبدأ التململ يظهر جلياً في صفوف جمهور “فدا السيد” ومعه بدأ اللبنانيون الشيعة يتساءلون إلى أين؟ فهل يكون الحل بخضة أمنية في لبنان للعودة إلى نظرية الإرهاب التكفيري قادم إذا لم نقاتله في سوريا؟

رابعاً: حزب الله “مزروك” و”مزروك” جداً على مختلف الصعد العسكرية والمالية، وهو بحاجة إلى صرف الأنظار للملمة شارعه اليائس من الصناديق الصفراء القادمة من وراء الحدود، فحجة المقاومة سقطت مع تورطه بالحرب السورية، ومحاربته الإرهاب التكفيري خارج حدود الوطن لم تعد كافية لاقناع البيئة الحاضنة بصوابية القتال، من هنا يبحث الحزب عن “تنفيسة” في الداخل اللبناني لالهاء جمهوره واقناعه. فأين “ستُنفس” يا ترى؟

خامساً: إن ما تبقى من نظام المجرم بشار الأسد قد يستفيد من هكذا تهديد لتحفيز الدروز في السويداء لمناهضة الثورة والانخراط في القتال إلى جانبه، وما التفجيرات في جبل الدروز إلا خير دليل على المحاولات اليائسة التي يقوم بها نظام السفاح لخلق فتنة بين الجبل والجوار، والتي بائت جميعها بالفشل حتى اليوم.

أخيراً، إن التهديد والوعيد لم ولن يثنينا عن متابعة مسيرة النضال الوطني، والمحافظة على السلم الاهلي، لكن إحذروا ان اوضاعكم اليوم لا تبشر خيراً، فالتورط في صراع داخلي قد تكون عواقبه وخيمة عليكن بالدرجة الأولى، فأنتم حتى هذه اللحظة لا زلتم متسلحين ببيان وزاري، إذا سقط قد يُسقط معه ما تبقى لكن من شرعية قبلناها على مضض ويصبح تسليم السلاح هدفنا الأول والأخير…