‏النزاع المسلح في دارفور: وقائع وأحداث

صدر عن الدار العربية للعلوم ناشرون، كتاب جديد بعنوان: “‏النزاع المسلح في دارفور: وقائع وأحداث” للكاتب عثمان محمد البشري.

المشهد السياسي السوداني المعاصر هو ما يتناوله الكاتب في هذا الكتاب فيقدم صورة حقيقية لحركات التمرد المسلحة بدارفور من واقع المعايشة الميدانية التي عاشها كاتبه مع هذه الحركات وهو في موقع القيادة المتقدمة لهذه الحركات منذ انضمامه إليها في مايو من عام (2003 ‏) م. إذ كان رئيساً لحزب المؤتمرات الشعبية في ذلك الوقت إلى حين خروجه، كما أنه كان قائداً سياسياً من المؤسسين لحركة اللجان الثورية بليبيا، إضافة إلى مهام عديدة أخرى.

‏وفي هذا الكتاب يستعرض الكاتب عثمان محمد البشري وقائع وأحداث مصيرية من الحراك السياسي لبلاده، منها ما جرى في من مؤتمر حسكنيتة وما ترتب عليه من اختيار مني أركو مناوي رئيساً لحركة تحرير السودان مما أدى إلى انشقاق حركة التحرير إلى حركتين تحت نفس الإسم، إحداهما بقيادة مني أركو والأخرى بقيادة عبد الواحد محمد نور.. كما يسجل تفصيل انمعارك التي قادها القادة الميدانيون لحركة مني ضد الجماعات التي انفصلت عن الحركة بعد من مؤتمر حسكنيتة بمن فيهم هو أي الكاتب.

كما يتحدث عن جذور الأزمة بين الحكومتين السودانية والتشادية ودور هذه الأزمة في تقوية وتعزيز حركة العدل والمساواة وتكوين جبهة الخلاص والمعارك التي خاضتها ثم تفرق وتلاشي أثرها والمعلومات التي أفردها الكاتب في هذا العمل تعتبر جديدة للقارئ الذي كان يتابع معارك هذه الحركة ثم اختفاءها دون سبب واضح، كما تبين هذه المعلومات التناقضات الأثنية والأيديولوجية حتى بين هذه الحركات التي تتكون معظم عناصرها بمن فيها القيادية من قبيلة واحدة وهي قبيلة الزغاوة، الشيء الذي يؤكده أن توحيد هذه الحركات تحت قيادة واحدة يكاد يكون مستحيلاً، كما يتحدث الكاتب عن المتعطلين بدول الاغتراب البعيدة والقريبة الذين وجدوا في هذه الحركات بقياداتها القتالية ذات التعليم المتواضع والوعي السياسي المدني، مجالاً لممارسة الوصولية والانتهازية الرخيصة بهدف كسب ثقة هذه القيادات ورضاها حتى تتم الاستعانة بهم في المفاوضات وورش العمل التي يتكرر انعقدها في عواصم العالم الغربية.

 كما سلط الكاتب الضوء على ظاهرة تجنيد الأطفال صفار السن في هذه الحركات وتحدث عن الأثر السلبي لهذا التجنيد في سلوك وأخلاقيات الأطفال، وهم في جملتهم من الفاقد التربوي، مما شكل خسارة على السودان كله لا خسارة على دارفور فحسب.

‏وفي ختام الكتاب إضاءة على مفاوضات الدوحة وما انتهت إليه، وعموماً فإن هذا الكتاب جدير بالقراءة الجادة يتعرف القارئ من خلاله على حقيقة هذه الحركات والنزاع المسلح في دارفور وما ترتب عليه من نتائج كارثية يتحتم علاج سلبياتها علاجاً شاملاً حتى لا تتكرر في مناطق أخرى في السودان.