اي أجواء تحيط بجلسات الحوار الثلاثية؟

بعيداً عن بيانات الإدانة والإستنكار والشجب لعمليات القتل الإرهابية التي تجتاح العالم على أيدي حفنة من الجماعات الظلامية التي تتخذ من الدين وسيلة لإيقاع أكبر عدد من الضحايا الأبرياء، وبعيداً عن ما يجري في سوريا من جرائم إبادة بحق الإنسانية على أيدى النظام السوري الاسدي وحلفائه الذين يتخذون من عنوان محاربة الإرهاب وسيلة بائدة لإرتكاب أبشع الجرائم التي ستبقى وصمة عار على جبين ما يسمى بالمجتمع الدولي، تتجه الأنطار محلياً نحو ما ستحمله الحركة السياسية الداخلية من نتائج على صعيد الجلسات الثلاثية الحوارية المرتقبة في 2،3 و 4 آب المقبل، حيث لا تزال التوقعات السلبية ترخي بأثقالها على مناخات هذا الحوار المرتقب الذي يشكل فرصة جدية للبنان واللبنانيين للتفاهم على سلة الحلول الشاملة التي تشمل قانون الإنتخاب وملف الإستحقاق الرئاسي، وذلك في ظل عودة الملفات الاجتماعية والبيئية والهموم المعيشية والحياتية لتتصدر واجهة الاهتمامات المحلية.

وفي هذا الإطار، تؤكد أوساط سياسية بارزة لـ “الأنباء” بأن جميع القوى السياسية باتت مدركة بأن الأوضاع العامة في البلاد وصلت إلى حال يرثى لها وبأن بقاء الحكومة واستمرارها يبقى حاجة ملحة للجميع لإيجاد الحلول للأزمات الحالية المتفاقمة والتي يأتي في مقدمتها انهاء حالة الفراغ الرئاسي والتفاهم على قانون جديد للإنتخابات خصوصاً أن اسقاط فرضية التفاهم على قانون جديد للإنتخاب يعني أخذ البلاد والعباد مجددا لخوض الإنتخابات النيابية المرتقبة في العام 2017 على اساس قانون الـ 60 المعدل بموجب اتفاق الدوحة.

 ومع ذلك، تؤكد الأوساط عينها بأن كل الإحتمالات مفتوحة بخصوص الثلاثية الحوارية في شهر آب خصوصاً ان التوقعات بشأن جلسات الحوار المرتقب لا تزال تراوح ما بين السلبية المطلقة الرافضة لكل الحلول مع ما لذلك من عواقب وخيمة على الأوضاع الهشة في لبنان، وما بين المساعي التي يقوم بها بعض العقلاء الذين يبذلون أقصى الجهود في سبيل خلق المناخات الإيجابية المناسبة التي تسمح لطاولة الحوار بجلساتها الثلاثية بكسر الحلقة المفرغة وفتح الافاق أمام امكانية التوصل إلى تفاهم محلي يسمح بحماية لبنان وتحصينه في وجه التداعيات  الخطيرة والكبيرة التي تمر بها كل المنطقة في هذه الظروف الصعبة والحرجة.

مشددة على أن ما يمر به لبنان والمحيط والجوار من مرحلة دقيقة وحساسة تستدعي قبل أي شيء آخر إعلاء صوت العقل والحكمة والوعي الذي يضع حماية أمن واستقرار لبنان وسلمه الأهلي وعيشه الوطني المشترك فوق كل الإعتبارات والحساسيات، خصوصاً ان تعميم الفوضى والإنزلاق نحو مجهول الفتنة لن يحقق مطالب ولن يحل أي أزمة بل على العكس من ذلك سوف يفاقم الأزمات ويزيد المشاكل على اطلاقها التي ستساهم بدورها في زيادة انكشاف الساحة اللبنانية سياسياً وأمنياً أمام هول المخاطر التي تهدد وجود لبنان ككيان سيد حر ومستقل.

فما تشهده المنطقة من كباش إقليمي حاد بالحديد والنار على أكثر من ساحة عربية لا سيما في اليمن وسوريا والعراق والمرشح نحو المزيد من التصعيد في مرحلة ما قبل الانتخابات الأميركية، لا تحتمل في وطن الأرز بحسب الأوساط عينها أي مغامرة في إسقاط النظام السياسي، كما لا تحتمل رفاهية المطالبة باسقاط المجلس النيابي أو الحكومة في الشارع من خلال الحراك السياسي والحزبي والشعبي العنيف خصوصا أن واقع لبنان بتركيبته السياسية والإجتماعية وتجاربه التاريخية تؤكد بأن استخدام الشارع والعنف تحت عنوان التغيير والإصلاح لا تقود سوى إلى الفوضى والسقوط في حرب أهلية جديدة على نسق الحرب اللبنانية في العام 1975 التي نتج عنها اتفاق الطائف المطلوب الذهاب نحو تطبيق كافة بنوده الاصلاحية التي لا تزال تشكل أساساً متين لإنقاذ لبنان من كبوة أزماته.

_______________

(*) هشام يحيى