معرض سوريا وكارثة الآثار في بيت الدين.. تدمر المدينة الشهيدة

آثار تدمر التاريخية والاركيولوجية والتماثيل الحجرية التي تتعرّض في سوريا للتدمير كما آثار الموصل في العراق وغيرها في المنطقة. هذه الآثار عنوان معرض في بيت الدين يستمر خلال مهرجانات الصيف ويسمح بالاطلاع على نماذج من التماثيل الحجرية في نظرة بانورامية على تاريخ المدينة العريق.

آثار تدمر شغلت العالم بعد سيطرة داعش على المدينة وتعرّضها للتفجير والفراعات الحديد ولا سيما «أسد» المدينة الذي يزن أطناناً عدة ومن الصعوبة كان نقله من مكانه ويعود إلى جذور يونانية اغريقية في القرن الثاني بعد المسيح.

هذه الآثار الذي يعود الفضل في حمايتها إلى مدير المتحف مأمون عبدالكريم التي حماها بأكياس من الرمل وبسلاسل معدنية ونقل القسم الكبير منها قبل أن تجتاحها عصابات استحدثها النظام لترهيب العالم بها ولا سيما محاولة تدمير «أسد أثينا» على مدخل قلعة تدمر، إلى محاولة تدمير هياكلها ومعالمها من نواويس ومقابر عائلية في جريمة إنسانية ترتكب بحق المدينة التاريخية.

01

معرض بيت الدين يحتوي على مقتنيات وتماثيل البعض منها حقيقية وأخرى مجسمات كلسية عنها أو تصويرية في عرض لمجموعة كبيرة من القطع الأثرية التي بقيت بمنأى عن البعث وجرى إنقاذها وحمايتها من قطع الكلس والسيراميك والحجر.

معرض اركيولوجي يشكل رمزاً لمواجهة الحرب ولسعي علماء الآثار الفرنسيين والألمان والبعثات العلمية لمحاولة إنقاذ ما بدأه إرنست رينان في القرن التاسع عشر وبعده البعثات الفرنكوفونية.

آثار تشهد على التعددية الثقافية والحضارية التي عاشتها سوريا عبر القرون المختلفة وبما يعود إلى آلاف السنين وعبر حقبات تاريخية متداخلة شكّلت هذا التراث الإنساني.

03

عالم مجنون هو الذي يدمر آثار الإنسان، ويسجل لمأمون عبدالكريم إنقاذه لهذا التراث كما لنجيب ميخائيل إنقاذه الكتب والمخطوطات في مكتبة الموصل ويصادف أن مأمون عبدالكريم من مواليد ماليكيا شمال سوريا ومن عائلة كردية ووالده أرمني الأصل بيدروس غريغور سكيدجيان، أي أن الأقليات إذا صح هذا المصطلح وهو خاطئ، هي التي تنقذ التراث الإنساني، وهو تراث الإنسانية.

يذكر أن الأزمة السورية وتصاعدها منذ العام 2012 وضعت الإنسان والحجر معاً في مهب العاصفة وريح السموم وخاضعة لهندسة التفرقع والهجرة والتدمير ما يهدد نحو 300,000 قطعة أثرية من سوريا ومقتنيات نحو 34 متحفاً في مناطق عدة تحتوي على مقتنيات من حضارات مختلفة اكتشفتها بعثات سورية وفرنسية وألمانية وإيطالية وإنكليزية.

المعرض في بيت الدين يحمل عنوان «سوريا وكارثة الآثار في الشرق الأوسط، تدمر، المدينة الشهيدة»، ويجعل ضيفاً على الوافدين إلى مهرجانات بيت الدين على المعرض من الطابق الأرضي ويضم مجموعات من الصور والتحف الأثرية بالتعاون مع متحف الجامعة الأميركية في بيروت.

ويتضمّن المعرض مستندات وأفلام فيديو تكشف النقاب عن الوضع الكارثي للمواقع الأثرية على خلفية الأحداث المأسوية، وهو يحمل رسالة المهرجان ضد الحرب والفوضى التدميرية.

04

ما تشهده سوريا يضع الحجر والبشر سواء في الحرب الدامية والعنيفة ما يؤدي إلى تفجيرات على المستويات كافة السياسية والاجتماعية والثقافية والديموقراطية والفنية، ما يهدد الشيخ الاجتماعي والحضاري ويحرّف الحس الإنساني العام وهو يشهد غياب السلطة المركزية لا بل مشاركتها الجماعات الإرهابية في التسويق لأفكار سلفية تحطيمية للتراث في بروباغندا الترهيب والتهويل من أجل الثروة والسلطة الأحادية.

يترافق المعرض مع إصدار غاتلوغ بالتعاون م. المقديدي وإ. اسحق مع مساهمات أخرى تكشف النقاب عن حجم التراجيديا السورية في سياقها الإقليمية والدولي والإنساني العام ومع الحاجة إلى تضامن دولي لصد موجة الجماعة والتطرف والعنصرية والظلامية والفكر التدميري وتطبيق المواثيق الدولية ذات الصلة بحماية التراث الإنساني.

————————

(*) يقظان التقي (المستقبل)