سوريا وتركيا وتوظيف التصادم اﻹقليمي والدولي
منير بركات
25 يوليو 2016
الصراع على تركيا بأهميتها الجغرافية والسياسية والاقتصادية والعسكرية والتاريخية المتداخلة مع اهمية الصراع على سوريا التي تتميز ايضا باختزال المشهد العربي في تمثيل العرقيات والاقليات الموجودة في الشرق الاوسط، لذلك ليس غريبا ان تكون قلب معاهدة سايس – بيكو منذ مئة عام والتي رسمت فسيفساء المشرق العربي وتحكمت بمصيره حتى الآن، وليس صدفة أن ترسم بمعاهدات جديدة خريطة المنطقة من خلال الحرب السورية ونتائجها.
سوريا هي متنفس لبنان الجغرافي، وتقطع عن تركيا عمق شبه الجزيرة العربية، وتفصل العراق عن شرق المتوسط، وتتجاور مع فلسطين وتشكل رئتها الجغرافية والتاريخية.
لذلك الصراع الراهن عليها كما كان في الماضي كونها تحتكر حصرية الرافع للادوار الإقليمية كتجسيد لجوهر الصراع في المنطقة بمجملها .
نتيجة لموقعها الجغرافي وأهميته كانت وما تزال تشكل أساسا في التصعيد أو العكس بوصفها نقطة التقاطع التي تقوده إيران، حيث ينظم النظام السوري النفوذ الإيراني في العراق ولبنان والأراضي الفلسطينية المحتلة وفي الوقت نفسه نجح الأسد في جمع تناقضات التصادم الإقليمي ووظفها لمصلحته ليطيل عمره بالرغم من النزف الدموي وتدمير معظم سوريا ببشرها وحجرها .
إن قدرات النظام المخابراتية والتساومية بالرغم من تحالف دمشق مع طهران، فاوضت إسرائيل برعاية تركية لتفكيك الاصطفاف الدولي ضدها وهذا ما حصل فعلا .
إن الهدف التركي من الرعاية كان يهدف الى كسر الحضور الإيراني في المشرق العربي وسوريا تترك الأبواب مفتوحة ﻹستدراج العروض دون الحسم في الخيارات في معظم الأحيان.
لذلك كانت تنظر تركيا الى سوريا بأنها المنفذ لها للدخول في دور اساسي في المعادلات الإقليمية، في الوقت الذي تعلم فيه سوريا بأن نجاح وساطة تركيا ستقترب من قيادة المنطقة وعلى حساب حليفها الإستراتيجي إيران .
إن تخلي سوريا عن لواء الاسكندرون ومشكلة الحدود مع تركيا كان ثمنه تزويدها بالمزيد من مياه نهري دجلة والفرات وبشكل توافقي خارج الإطار القانوني .
ويبقى الموضوع المركزي بين تركيا وسوريا هي منع الأكراد من تأسيس كيان مستقل في اي جزء من كردستان التاريخية. وكانت سوريا تعلم تماما قبل التدخل الروسي بأن حدودها الشمالية مع تركيا لا يمكن الدفاع عنها عسكريا بسبب عدم التكافؤ في موازين القوى بينهما .
اذا النظام السوري ما زال يورط الجميع في وحوله من أجل الإستفادة من الوقت ومن كل التناقضات لمصلحة دخوله لاعبا في التسوية التي لا يمكن ان ترى الحياة في وجوده، وما لمحاولة الانقلاب الفاشلة في تركيا إلا لدور آخر في سوريا بالإضافة للصراع على هوية تركيا .
رئيس الحركة اليسارية اللبنانية