“هآرتس”: الحاخامون ما زالوا يستلهمون بقايا الدين اليهودي القديم العنيف والشوفيني والقبيح

احتلت أحداث تتعلق بشؤون الدين [اليهودي] عناوين وسائل الإعلام في إسـرائيل مؤخـراً نذكـر منها: 1- أقــوال الحاخام العســكري الرئيسي إيال كريم الذي كتب في الماضي عن السماح باغتصاب الأسيرات “الحسناوات”؛ 2- قول الحاخام يغئال لفنشتاين من المدرسة العسكرية التمهيدية في مستوطنة “عيلي” [بالقرب من رام الله] الذي وصف المثليين بأنهم “شواذ” خلال موعظة ألقاها على مسامع تلامذته (الاستماع إلى أقوال لفنشتاين الهاذية والديماغوغية في شبكة الإنترنت سـيجعلك تكتشف الكثير مـن هـذه “الدرر”)؛ 3- قرار وزير التربية والتعليم نفتالي بينت [رئيس “البيت اليهودي”] منح “جائزة تكريمية” ومبلغ 150,000 شيكل إلى الممثل شولي راند الذي أصبح حريدياً [دينياً متزمتاً] وتورط في ديون لكنه “نجح في أن يكشف جمال اليهودية أمام كل قلب” [كما ورد في براءة الجائزة]. وفي هذه الأيام أُدين راند بالتسبب بضرر جسدي لزوجته، ويبدو أن هذه ليست أول حادثة عنيفة في العائلة، ففي سنة 2012 هربت زوجته إلى ملجأ النساء المعنفات وبقيت هناك حتى سنة 2013.

من الملاحظ أن هذه أحداث كثيرة خلال أسبوع واحد، وسأتحدث عنها بحسب الترتيب أعلاه.

1-السماح باغتصاب أسيرات ليس مجرد حديث يرد على هامش كتاب “التلمود” كما يعتقد كُثر، بل على العكس هو سماح واضح في التوراة ويرد ضمن آيات تقول “إذا خرجت لمحاربة أعدائك ودفعهم الرب إلهك إلى يدك وسبيت منهم سبيا، ورأيت في السبي امرأة جميلة الصورة والتصقت بها واتخذتها لك زوجة، فحين تدخلها إلى بيتك تحلق رأسها وتقلم أظفارها، وتنزع ثياب سبيها عنها وتقعد في بيتك وتبكي أباها وأمها شهراً من الزمان ثم بعد ذلك تدخل عليها وتتزوج بها فتكون لك زوجة” (سفر التثنية، الإصحاح 21، الآيات 10- 13). وبحسب الرامبام وآخرين مسموح اغتصابها أول مرة حتى “دون الزواج منها”. وقد تم تهميش هذه الأقوال للتقليل من بشاعة هذا السماح وتقزيمه، ولتبريره أيضاً في “ظروف معينة”. هذا يعني أن العميد كريم لم يتحدث في أمور هامشية بل قال ما هو موجود في كتاب التوراة فعلاً. ويجدر أن نذكر هنا أن من حق الرجل اغتصاب زوجته متى شاء وكيفما شاء. وبموجب ما يقول الرامبام: “كل ما يريد الشخص فعله بزوجته يفعله. ويعاشرها في أي وقت سواء وافقت أو لم توافق”.

2-النظرة إلى المثليين بأنهم “شواذ منبوذون” مستمدة أيضاً من التوراة. لذا فالحاخام الواعظ لفنشتاين تصرف بشكل يهودي. وطالما أن هذه الاساءة مسموح بها في القانون لا يجب لوم هذا الحاخام بل المشرع والقانون اللذين يسمحان بذلك.

3-بينت كذلك على حق. والممثل شولي راند نفذ في نهاية المطاف إذناً دينياً واضحاً يسمح للرجل بضرب زوجته في ظروف معينة. وإذا ما شئنا الاستناد مرة ثالثة إلى الرامبام فهو من قال: “كل امرأة تقصر في أي واجب من واجباتها (تجاه زوجها – ب. م) يجب معاقبتها بالضرب حتى بالسوط”. وباختصار، يجب على السيدة راند أن تشكر زوجها لأنه لم يضربها بالسوط.

كل ما ذُكر أعلاه هو في صلب الدين اليهودي، أو بصورة أدق في صلب بقايا الدين اليهودي القديم العنيف والشوفيني والقبيح، تماماً مثلما كانت سائر الأديان التي واكبته في ذلك الوقت. لكن على مدى ألفي سنة من وجود الدين اليهودي دون سلطة دنيوية استطاع هذا الدين أن يتنصل من أمور معيبة كهذه، أحياناً بتأثير الأخلاق الإنسانية وأحياناً من أجل البقاء والتأقلم. وهكذا مثلاً تم إلغاء تقديم القرابين وأوامر جباية الفائدة والعقاب الجسدي وعقوبة الإعدام وغيرها. وفهم مشرعو دين شجعان وجديرون بوظائفهم أنه يجب إلغاء كل ذلك. لكن الآن لا يوجد قادة دينيون كهؤلاء، بل لدينا عدد من الشوفينيين الذين يحولون توراتهم عصا ليضربوا بها، وبعض الصغار المرعوبين. ومع هؤلاء وصلنا الى الهاوية، وفي كل يوم بل في كل ساعة بتنا نجدّد عارنا القديم. وهكذا نعود أيضاً ونؤكد حقيقة تاريخية مقلقة: أعط الدين المجال للسيطرة وأعطه جيشاً تحصل على مسخ.

——————————

(*) مؤسسة الجراسات الفلسطينية