استقبال حاشد للراعي في العبادية بحضور ممثل جنبلاط

العبادية – “الأنباء”

نظمت بلدية وأهالي بلدة العبادية في المتن الأعلى استقبالاً حاشداً للبطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي، وكانت المحطة الأولى في كنيسة مار الياس الحي والثانية في قاعة البلدة بحضور الفاعليات من المسيحيين والموحدين الدروز من المتن وأهالي البلدة.

وعمت البلدة اعلام لبنان والبطريكية وصور الراعي، وحضر إلى راعي أبرشية بيروت المارونية المطران بولس مطر، ممثل شيخ عقل الطائفة الدرزية الشيخ نعيم حسن وقاضي المذهب الشيخ غاندي مكارم، مفوض الشؤون الداخلية في الحزب التقدمي الإشتراكي هادي ابو الحسن ممثلاً رئيس الحزب النائب وليد جنبلاط، ووكيل داخلية المتن في التقدمي عصام المصري، ممثل النائب طلال ارسلان نجله مجيد ارسلان، النائبان حكمت ديب وآلان عون، الأمين العام لحزب الوطنيين الأحرار الياس أبو عاصي، رئيس البلدية عادل نجد، عضو المجلس المذهبي الدرزي الشيخ عماد فرج، رئيس اتحاد بلديات المتن الأعلى مروان صالحة ونائبه كريم سركيس، وفاعليات سياسية وعسكرية ودينية اضافة الى عدد من مشايخ البلدة والمنطقة والاهالي.

في الكنيسة

مطر

رحب راعي أبرشية بيروت المطران بولس مطر بالراعي قائلاً: “أهل البلدة كلهم، الموارنة والأرثوذكس والدروز يرحبون بغبطتكم، فهذه البلدة لها مركز خاص في الابرشية لانها عامرة باهلها وهي تعمل من اجل الوحدة والسلام. نشكركم على هذه الالتفاته الابوية، وندعو لكم ان يرعاكم الله لتقودوا سفينة الوطن الى شاطىء الامان في ما نتطلع اليه جميعنا”.

الراعي

وكانت كلمة للراعي شكر فيها لراعي الابرشية ترتيب الزيارة، لافتا الى انها المرة الأولى التي يزور فيها البلدة “ولا سيما ان الزيارة جاءت لمناسبة عيد مار الياس الذي نلتمس منه الحماية وفيض النعم الالهية وقول الحق والدفاع عنه”. وهنأ المجلس البلدي الجديد في البلدة، وقال: “باستطاعتنا اجراء الانتخابات النيابية وممارسة الديموقراطية والحفاظ عليها وما هي الانتخابات البلدية سوى الدليل على ذلك”.

وتابع: “هذه الزيارة الرعوية واجب قانوني، على البطريرك ان يقوم بزيارة الابرشيات كل خمس سنوات، بمحبة كبيرة وفرح نقوم بهذه الزيارات في الداخل والخارج لنتعرف الى ابنائنا المؤمنين ونؤكد لهم انهم في قلبنا وفي صلاتنا. همومكم يحملها المطران الينا كدلالة على اننا جسم واحد متكامل رأسه يسوع المسيح والرباط الذي يجمعنا هو الروح القدس”.

أضاف: “أزوركم اليوم تحت شعار خدمتي “شركة ومحبة” شركة في الله والاتحاد معه بصلاتنا ومن خلال الاسرار ولكن الملاحظ ان هذه العلاقة مع الله تشهد تغييرا للاسف، لذلك كان عزيزا على قلبي القيام بهذا العمل الراعوي التشديد على أهمية الارتباط بالله. لبنان بحاجة الى هذا الرباط، الخلافات والنزاعات فيه ادت الى الفراغ الرئاسي لان لا وحدة ونحن يجب الا نعيش في الخلافات بل بالوحدة والتكامل والتضامن، وما من وحدة نبنيها مع بعضنا من دون المحبة. بلدة العبادية متميزة بتعدد طوائفها وهنا لا بد من أن أشيد بزيارة سيدنا البطريرك صفير منذ 15 سنة في اطار مصالحة الجبل ونحن نؤكد متابعة هذه المصالحة لكي تشمل كل الفئات”.

وفي الختام، قدمت الرعية هدية تذكارية لصاحب الغبطة وتوجه وسط الزغاريد والترانيم الى قاعة الكنيسة حيث التقى الاهالي.

الراعي في العبادية

في قاعة البلدة

وكان استقباله حافلاً من فاعليات البلدة وأبنائها من المسيحيين والموحدين الدروز الى جانب رئيس وأعضاء المجلس البلدي والمخاتير والفاعليات يتقدمهم ممثل النائب وليد جنبلاط هادي أبو الحسن والشخصيات السياسية وممثلو الأحزاب.

نجد

وألقى رئيس المجلس البلدي عادل نجد كلمة مرحباً به وبالمشايخ والاباء الروحيين والفاعليات، وقال: “من الشرق يأتي النور. ومن الشرق انطلق النور إلى الغرب حاملاً له رسالة يسوع النور الذي ينير كلَّ إنسانٍ آتٍ إلى العالم (يوحنا1:9). وفي  الشرق وُلِد الحرف. ومن الشرق انطلق الحرف إلى العالم فانجب باكورة من اللغات والحضارات واحدة تلو الاخرى – وانتم ترأسون بطركية انطاكية وسائر الشرق فللنور في قلبكم موطناً وللحرف وقع على مسامعكم. يطيب لنا في هذه المناسبة المباركة والتي أتت بعد تسعة عقود من الزمن أن نعلن من هذه البلدة التي وُصفت بالعبادة والصلاة ونؤكِّد على شراكتنا الكاملة الثابتة الدائمة معكم ومع رعيتكم المتصدِّرة بالمحبة”.

وأضاف: “بلدتنا المتواضعة تعايشت فيما بينها منذ بداية التاريخ كعائلة واحدة. تتبع في طقوسها وعاداتها واخلاقها وسماتها نفس التقاليد، ولقد توارثنا محبتنا وألفتنا  من السلف الصالح. ورغم الصعاب التي مر بها الوطن العزيز، وبعد المصالحة التاريخية التي جرت برعاية الزعيم الوطني وليد جنبلاط وغبطة البطريرك مار نصرالله بطرس صفير عاد الأبناء إلى ربوعهم وعادت المياه تنعش شجرة الزيتون وتزهر في حقول العيش المشترك”.

وتابع: “لقد دأب ابناء هذه البلدة بعد نهاية الحرب على تسهيل عودة اخوتهم ولا زالوا بانتظار اكتمال هذه العودة الكاملة افرادا و مؤسسات، ونخص بالذكر  احد اهم الارساليات التي كان لها دورا تاريخيا في بلدتنا والجوار التي علمت وخرجت كبارنا وبثت النور والعلم على مر السنين – راهبات القلبين الاقدسين”.

وتوجه لغبطته مضيفاً: “كانت بلدية العبادية قد اعلنت استعدادها لتقديم المساعدة المادية والمعنوية ولوضع امكانياتها في سبيل عودة المقعد الدراسي الى سابق عهده، خاصة بعد ان ازيلت كافة الهواجس التي كانت تعيق العودة. وكنا نأمل من بعض الذين سماهم الشعب ليتولوا مساعدته والذين لم نتعرف عليهم الا عن بعد، ان يكون لهم دوراً اكبر ومساهمة عملية في الوقوف على حاجات القرى التي لا زالت تعاني اثار وتركة الحرب”.

وختم: “كلما زرتم بلدة و باركتم ابنائها، وكلما زرتم كنيسة، أعطيتم دفعاً جديداً لأبنائكم وابناء هذا الوطن بكل أطيافه وهي التفاتة كريمة إلى الناحية الروحية. ونحن اليوم نستقبلك بكل عبارات الأستقبال وبكل ما تحتويه من معاني وكلمات ونقول لك على الرحب والسعة فالصدر لك يتسع كإتساع الأرض”.

فرج

وتحدث الشيخ عماد فرج بكلمة اهالي البلدة مرحباً بالراعي و”مطر الذي سبق وتفضل بزيارتين مشكورتين لهذه البلدة العزيزة”. ونوه بـ”زيارة سابقة قام بها غبطة البطريرك انطون بطرس عريضة في 10 حزيران 1936 الى هذه البلدة”.

وقال: “هذا يدل على اهتمام البطريركية المارونية بالعبادية منذ القديم. والعبادية ايها الكرام سميت باسمها لكثرة العبّاد فيها منذ زمن طويل، فهي بذلك مركز لعبادة الله الواحد. ومن عبد الله حباً أحبه الله أيضاً. ومن أحبه الله أحب عياله. وكلنا عيال الله. فالعبادية منذ القدم قائمة على المحبة والأصالة والشهامة وعلى نعمة العيش المشترك، وهي النموذج الصالح للعيش بمحبة وسلام بين اللبنانيين. وزيارتكم اليوم صاحب النيافة تضفي على العبادية رونقا مميزا وتبارك وترسّخ هذه القيم التي عشناها على ممر السنين بحلوها ومرّها. وها هي هذه البلدة اليوم تتحدى الأحقاد والكراهية وتتحدى التفرقة والظلامية وتقول للقاصي والداني ان كلمة الحق هي العليا والمحبة هي الأسمى، والحوار وتقبل الآخر هو السبيل الى الحياة.”

وتابع: “نرحب بكم صاحب النيافة ونتمنى عليكم دعوة جميع الذين تركوا البلدة قسراً ان يعودوا اليها لأنها بحاجة لوجودهم ونشاطهم في سائر الميادين. وسيبقى لقاء المصالحة التاريخي في الجبل الذي أسس له ورعاه كل من الزعيم وليد بك جنبلاط وغبطة البطريرك مار نصرالله بطرس صفير محطة مضيئة في تاريخنا المعاصر”.

أضاف: “وانتم مستمرون بهذه المصالحة، وفقكم الله. ونغتنم الفرصة صاحب النيافة لنبارك لكم ما خصكم به قداسة البابا فرنسيس بتعيينكم عضوا في المجلس الحبري للأعلام والتواصل مضافا الى خمسة تعيينات سابقة. وهذا يدل على دوركم الفاعل والكفاءة والثقافة التي تتمتعون بهما وتأثيركم البالغ في المنطقة وفي الكنيسة عامة. ولكن يؤسفنا بما يخص الوطن ان جميع نداءاتكم وتمنياتكم لم تلق آذاناً صاغية من قسم من نواب الأمة لانتخاب رئيس للجمهورية، ونحن نضم صوتنا الى صوتكم ونقول لهم: ان يسهلوا طريق انتخاب رئيس الجمهورية، ويبادروا لأتمام واجباتهم الأساسية، لأنهم مسؤولون أمام الله والتاريخ. وان سكت الشعب عجزاً فالتاريخ لن يسكت ولن يرحم… ونخشى يا صاحب النيافة ان نقول لا حياة لمن تنادي”.

 وأكمل: “كلنا يعلم ان الجبل قلب لبنان. ونحن مطمئنون على هذا القلب لأن الله انعم عليه بقيادات حكيمة متمثلة بمعالي وليد بك وعطوفة المير طلال لأنهما متعاونان في ما بينهما وهذا يرخي بضلاله على المجتمع الذي غابت عنه المشاكل والحمد لله وساد التعاون والمحبة بين الجميع”.

وختم قائلاً: “ان الأستقواء بغير الحق جهالة، والأستعلاء بالسلاح على أخيك المواطن مهانة، والأنتماء لغير الوطن خيانة. فلنبن لبنان بالمحبة، ولنحافظ عليه بالأخلاص والأمانة. والله الموفق والمعين. العبادية اليوم في عرس المحبة فأهلاً وسهلاً”.

الراعي

ورد الراعي بدوره شاكراُ المجلس البلدي على الإستقبال الكريم ونشر الصور وأعلام البطريكية والتنظيم، وحيا المخاتير وفاعليات ومشايخ البلدة، وأكد على ضرورة استكمال مسيرة العيش الواحد بين الأهالي، مشيراً لمحطات تاريخية للبطريكرية منذ العام 1606، وقال أن وحدة البلدة تؤكد على أن الألفة في جبل لبنان بخير.

وشكر اهتمام المشايخ والفاعليات ودعوتهم لعودة اهالي البلدة من المسيحيين، وأكد على السعي الدائم لترسيخ الوحدة الوطنية متمنياً تذليل العقبات لانتخاب رئيس للبلاد حتى ينتعش الاقتصاد وتزدهر جميع المناطق اللبنانية ومنهم بلدات الريف والجبل بمجملها، وتعود الحياة للمؤسسات الدستورية في الوطن.