وطن بلا رأس جسم بلا روح

فيصل مرعي

هل من المنطق ان يكون هنالك وطن في مطلع هذا القرن جسم بلا راس؟

وهل من المقبول ديمومة هذا الفراغ الى ما لا نهاية؟ لا! لم يكن قد حصل شيء من هذا القبيل في جميع اصقاع الدنيا. إنه لمؤسف حقاً، ان نصل الى هذا الدرك من الانحطاط والتراجع السياسي في بلد قيل انه وطن الاشعاع والنورّ فاذا كان فريق من السياسيين، يُصرّ على التعطيل لغرض في نفس يعقوب، ولاسباب مجهولة الابعاد، أياً يكن هذا الفريق، فإنه لا شك، يدور في فلك محاور خارجية، وقوى ظلامية، إما للاسئثار والامساك بالسلطة السياسية وحيداً، لا منازع له فيها، وبالتالي رميه في احضانها، هي اصلاً تُعد العدّة للاطباق عليه، في اطار مشروع نعرف له بداية ولا نعرف له نهاية، وإما لتذويبه في بوتقة وصاية سبق ان كان في نيتها تحقيق حلمها بشرذمته اولاً، ومن ثمَّ ضمه لبلاد ليس لنا فيها صديق، ولكن ذلك كان ضرباً من الخيال، وصعب المنال. في هذا المجال، على اللبنانيين ان يحزموا امرهم وشركاءهم قبل فوات الاوان، وقبل ان يدق ناقوس الخطر، انقاذاً لوطن عمره عمر الدهر، وطن له من الاهمية بمكان نظراً لموقعه، جغرافياً، واقتصادياً وثقافياً، وحضارياً..

من هنا نقول: لقد حان الوقت، وآن الاوان انتخاب رئيس للبلاد، انقاذاً لما تبقى من مؤسسات، عودة لما كان عليه من حضور ووجود على كل الاصعدة والمستويات، على ثغور هذا الابيض المتوسط. فاللبنانيون، يدركون تماماً، ان الدولة هي المرجعية الاولى والاخيرة، وهي الحاضنة لكل مكونات الشعب، وان لا مؤسسات في ظل غياب الدولة لا سيما منها الامنية… فإما ان يكون هنالك دولة بكل معنى الكلمة، بكل مقوماتها ومقدراتها.. او الا يكون هناكل دولة، بما يعني اننا سنصبح دولة مارقة وخارجة على القانون، والمجتمع الدولي، في غفلة من عدم صحوة الضمير، لا سمح الله، لا سيما، وان الارهاب يدق ابوابنا من كل حدب وصوب. فالمعركة مع الارهاب ليست سهلة، وليس لها قيمة برفع شعار من هنا، وعنوان من هناك. فلا انتصار نهائياً، الا بالتمسك بالدولة، حماية للبنان، واستكمالاً للسيادة الوطنية، استعادة لكامل التراب. بهذا، نٌثَّبت الامن والإستقرار الوطنيين، ونٌعيد لبنان الصيغة الفريدة، ونموذجيته في هذا الشرق الكبير. فالبدولة وحدها نحمي لبنان، ونقيه شر ارهاب من نار القتن والمحن.

ما يُرّوج له الآن، ملف النفط، صحيح ان النفط في حال استخراجه، قد نيشل البلد من الازمة الاقتصادية التي يعانيها منذ ما يزيد على اربعين سنة ونيِّف، سيما واننا على شفا انهيار اقتصادي، لا يعرف الا الله ما اواخره، ولكن الاجدر بنا انتخاب رئيس للجمهورية اليوم قبل الغد.. الذي هو مقدمة لنجاة لبنان من مأساته وعذاباته، والذي نحن بأمس الحاجة اليه لانقاذه من الدوران في فلك الآخرين، ومن هذا التعطيل والشغور اتقاء شر الارهاب، والمشاريع الجهنمية التي قد تضرب لبنان في العمق في حال المراوحة لعدم انتخاب رئيس، يُبقي البلد مقطوع الرأس وجسماً بلا روح.

بعبدا

لقد باتب الاجواء والمناخات ملائمة لانتخاب رئيس يصون البلاد والعباد، في وقت لا يعلم الا الله، ما هو قادم، وما هو آت، خصوصاً وان الحل بأيدينا لا غير، وان كان هنالك عوامل خارجية تٌعيق الى حد ما ترتيب اوضاعنا الداخلية. فبتنفيذ مقررات طاولة الحوار الوطني، وبالوصول الى قانون انتخابي عصري، ومن ثّمَّ انتخاب مجلس نيابي جديد، وانتظام عمل المؤسسات، ننعش الحياة السياسية، ونستعيد بذلك امس لبنان الرسالة والقيم وعقده الاجتماعي…

ولا بأس من ان تتماشى وتترافق كل الملفات السياسة والاقتصادية معاً، في حال امكن ذلك، وان لا، فيجب التعاطي مع كل ملف على حدة ودون التداخل مع الملفات الاخرى، مع الاخذ بعين الاعبتار انتخاب رئيس الذي هو من اولى الاوليات، خصوصاً وان البلاد على مفترق طرق. وعلى هذا لا يمكن التهاون مع هذا الملف، بحيث من الصعوبة بمكان اهماله وتجاهله، وإلاَّ نكون جميعاً ندخل البلاد في نفق مجهول، ونغرقها من جديد في آتون فوضى واضطرابات نحن بغنى عنها. انه لوقت عسير ويسير. فلنستفق، ولنستيقظ على صحوة ضمير، وانتخاب رئيس.

اقرأ أيضاً بقلم فيصل مرعي

المعلم كمال جنبلاط مصباح الديمقراطية المتكاملة..

خطاب القسم وحكومة استعادة الثقة

ارحموا لبنان يرحمكم التاريخ..

فلننقذ لبنان اليوم قبل الغد..

طبّقوا الطائف تنقذوا لبنان

لبنان: ديمقراطية مشوّهة وتخبط سياسي…

الاجماع والتوافق (وأي اجماع وتوافق!)

لا للصفقات ولا للاستئثار بعد اليوم

قادة بحجم الوطن أحسنوا قيادة السفينة

النزوح السوري وقانون التجنيس..

حماية لبنان من اولى اولويات الحكومة..

قانون انتخابي بلا نكهة سياسية

لبنان لا تطبيع ولا علاقات…

النأي بالنفس حاجة وضرورة..

..إذا قلنا: أخطأنا…

تسوية جديدة لا استقالة

سلسلة الرتب والرواتب..

لبنان وازمة النازحين..

قانون بلا نكهة سياسية وقيمة اصلاحية؟!

الدولة وحدها تحمي لبنان…