فلنقف أمام المرآة ونبدأ باصلاح أنفسنا

محمود الاحمدية

نحن في عصفورية كبرى… عندما تجبرك المناسبات الالتقاء بالبعض المفروض أنهم مثقفون وواجهة مجتمعهم يتراءى لك اللون الرمادي الذي يصبغ العقول والأفكار… الكلمات الممجوجة نفسها… الجمل المركبة نفسها… مقالتي كلها بالعامية كما هي وبعذريتها…

في آخر لقاء منذ يومين التقيت بأحدهم وهو متعلّم وعلى أساس أنه مثقّف… وبدأت الأسطوانة وأنا صامت مشدوه… يا أخي شو بتعمل؟ ما في مسؤولين على مستوى المرحلة… الكل عم يسرق… على بابا والأربعين حرامي… مغارته هذه المرة أوسع… شوف شو عملوا بالملف البيئي من النفايات اللي ملت الطرقات والبيوت والقرى والمدن… البرغش أكلنا وما بتعرف شو حامل أمراض؟ الفيران من كل الأشكال والأنواع ماشية عالطرقات؟ ملف أموال الخليوي وصناديق البلديات اللي عم تصوفر هذا إذا ما تركولها ديون… ليش ما صبروا يدفعوا حتى تجي البلديات الجديدة…؟ والله الحرمنة ما بتعود تضبط وأغلبية الرؤساء الرايحين شي طبيعي ما يخلوا قرش لَلّي جايين… طيب حدا عرف شو هي البرامج اللي على أساسها صارت الإنتخابات البلدية؟؟ طبعاً معركة  تنموية لَلّي بيخسر وسياسية لَلّي بيربح… ودخلك رئيس الجمهورية كيف قبلانين المسيحيين يبقوا بلا رئيس؟ وين تاريخهم ووين مفهوميتهم؟؟ رئيس مسيحي وحيد من آخر افغانستان والهند إلى أغادير في المغرب وهني آخر همهم …

أيام صعبة الأخ عم يقتل خيو والإبن عم يقتل إمّو… وبيوت الدعارة اجتاحت البلد وآخر موضة بنات الطرقات وعلى عينك يا تاجر… وكان ناقصنا منحة الأربع مليارات المقدمة من السعودية يلغوها والكل عم يكش ذبان مش سائل وبينبسطوا بعشر ملايين دولار قدمتها أميركا للجيش… يا عمي عصفورية وكان ناقص آخر خندق للدفاع عن الكيان يتعرض لعبوة ناسفة قطاع المصارف عبر ضرب مصرف البلوم بانك… طيب البنك المركزي الإيراني والبنك المركزي السوري نفسهم خاضعين للإجراءات العالمية الأميركية ليش نحنا منا نحارب طواحين الهوا؟؟ شو بدو يصير بالليرة… لقمة الفقير اللي عندو شوية مدخرات مهددة بالضياع… لبنان الحامل مليون ونصف مليون من الأخوة السوريين تخيل أميركا وعظمتها دخلها ماية وخمسين مليون مكسيكي بين ليلة وضحاها شو بيصير فيها؟؟

استمعت… استمعت حتى انطوش راسي وسألته سؤال خرق العظم: حبيبي انت انتخبت في الإنتخابات الأخيرة؟؟ واخترت البلدية اللي بترتحلها؟ وريحت ضميرك؟ والاّ اختاروا عنك وقالولك هيدا قدرك وهودي ممثلينك…!!

وران صمت عميق.. عميق… الحقيقة الساطعة ان كل هؤلاء نحن اخترناهم بإرادتنا ونحن الذين صنعناهم ونحن الذين طأطأنا رؤوسنا أمامهم ونحن الذين يتحملون كامل المسؤولية فهم نتاج افكارنا واختياراتنا ولا يحق لنا أن نفتح فمنا ولا يحق لنا أن نرفع الصوت عالياً لاننا مع اختيارنا لم نحاسبهم سابقاً إلا بالكلام بين أربعة حيطان وبصوت خافت وبالوشوشة خوفاً وجبناً وقلة دراية وأتى جيل جديد منهم ولن نحاسبهم بل سوف ننتقد وننتقد وننتقد من جديد ونسمع تشويه سمعة الشرفاء والنظاف ونساعد في الإساءة إليهم والمشاركة في تحمية السياخ لشويهم وتحطيم سمعتهم… عفواً للعامية التي استعملتها عن قصد وسابق عمد وإصرار لكشف ما يدور في أذهان الأغلبية الساحقة من الناس والذين كفروا بكل شيء ولم يعودوا يثقون بمطلق تسمية أي مشروع وراءه الحكومة… نهاية تعيسة لوطن ينهار أمام ناظرينا ونحن نتفرج ونثرثر وننتقد…

رب قائل وماذا نفعل؟؟ اقول في الستينات رفعت الحكومة ثمن تنكة البنزين ربع ليرة لبنانية فانتشر الناس في الساحات وقامت قيامة الإتحاد العمالي والأحزاب وتحت ضغط الشارع تراجعت الحكومة عن قرارها واعادت ثمنها إلى السبع ليرات لبنانية

لن أطيل من القهر والألم واكرر عنوان هذه المقالة: “فالنقف أمام المرآة ونبدأ باصلاح أنفسنا أولاً”.

اقرأ أيضاً بقلم محمود الاحمدية

لبنان لن يموت

أكون حيث يكون الحق ولا أبالي

لماذا هذا السقوط العربي المريع؟!

جشع بلا حدود وضمائر ميتة في بلد ينهار!

جاهلية سياسية… بل أكثر!

معرض فندق صوفر الكبير والتاريخ والذاكرة

قال لي: عندما تهاجم الفساد ابتسم بألم!!

إذا أجمع الناس على مديحك سوف أطردك!!

التاريخ لا يرحم… يجب إعادة كتابته

ما هو دوري كوزير جديد؟

مشروع كمّ الأفواه تدمير للبنان الرسالة

الجامعتان اليسوعية والأميركية تنسحبان: التعليم العالي في خطر

السويداء في عين العاصفة

تقريران رسميان متناقضان عن تلوث بحر لبنان

في ذكراها الـ 74 اسمهان: قصصٌ خالدة

طبيعة بلا حدود ربع قرن من النضال البيئي

فريد الأطرش وشوبرت والفن العالمي الخالد

يوم البيئة العالمي: التغلب على تلويث البلاستيك

قطعة الماس في جبل من الزجاج

مسيرة منتدى أصدقاء فريد الأطرش تشع في دار الأوبرا في القاهرة